المسألة الأولى
  وكان خلافا وهو ممن لا ينكر على مثله الاستبداد بالقول لسعة علمه ورسوخ حلمه سلام الله عليه؛ وإن كنت أستبعد أن يجيز الوقف على غير وجه القربة أو يكون ذلك قولا لأحد من العلماء فضلا عن الأئمة فلم يرد عن أحد منهم جواز الوقف على المباح المحض، فكيف بالمكروه، فكيف بالمحظور فتأمل ذلك موفقا تجده كما قلنا إن شاء الله تعالى.
  وأما قوله أيده الله: إن للحاكم أو عليه أن يحمل أمور الناس والمسلمين على الصحة فذلك واجب فيما يحمل.
  فأما فيما الظاهر خلافه فلا يجوز، وإن جاز أن يكون صحيحا فيما بين الفاعل وبين الله سبحانه، كما أنك لو مررت بإنسان يسرق من متاع آخر شيئا يأكله فعليك الإنكار، وإن كان من الجائز أن تكون الضرورة قد انتهت فيه إلى حال يجوز له تناول مال الغير بنية القضاء، والظاهر ممن يجعل الثلث للذكران أنه ما يريد إلا إيثارهم دون سائر الورثة، وقد ورد الشرع بالنهي عن الإيثار فبعد عن باب المباح، وأخبر النبي ÷ أنه غير حق، والمباح حق، وغير الحق هو الباطل.
  وقوله: لا يقفون إلا ما يجوز وقفه وهو الثلث فقد تقدم الكلام في ذلك أن الثلث إذا خرج عن باب القربة لحق بالثلثين، وإذا أثبتنا الوقف على غير القربة خرج من باب الوقف لأنه لم يبنى على الصحة في الأصل فكان قوله: وقفت مالي على الكانس مثلا لله تعالى غير صحيح في الأصل.
  وقوله: لله لا حكم له لأنه لا يكون لله إلا ما كان لله فيه رضا، ويكون هذا في ضرب المثل كما روي لنا عن بعض المطرفية أقماهم الله كذبت كذبة