يتلوه رسالة الإيضاح بعجمة الإفصاح
  أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[التوبة: ٧١]، فلولا حمله على ما ذكرنا لكان متناقضا سبحانه وتعالى أن يكون في قوله مثل ذلك، وقد قال سبحانه(١): {وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً}[النساء: ٨٢]، ولا اختلاف أعظم من تنافي المعاني، وإن يثبت بأحد اللفظين المتماثلين ما ينفيه الآخر.
  وأما قوله أيده الله تعالى: إنها نزلت في قوم مؤمنين بين كفار إذ لو كانت الدار التي هم فيها قد أسلم أهلها كلهم لم يجب عليهم الهجرة، ولأي شيء يهاجرون إذا كانت الدار كلها قد أسلم أهلها؟! فلم يبق إلا أنها نزلت في كفار بين مؤمنين، هذا لفظ السؤال، ويغلب في الظنّ أنه غلط، وأن المراد في مؤمنين بين كفار، فسماهم الله ø مؤمنين، ونهى عن ولايتهم لا غير.
  والكلام في ذلك قد تقدّم، وظاهر لفظ الآية أنها في قوم آمنوا ولم يهاجروا، وهم على نوعين:
  إما قوم آمنوا فعذروا من الهجرة للضعف، أو لغيره من الأعذار فانقطع إرثهم وإن كان إيمانهم صحيحا لعدم شرط الإرث في الحال الأولى وهو الهجرة.
  وإما أن يكون في قوم آمنوا صدقوا الله ورسوله، ولم يهاجروا مع التمكّن من الهجرة فسقط حكم ولايتهم لأجل ذلك، وسماهم تعالى مؤمنين على أصل اللغة.
  وأما التعلق بلفظ النصرة فلا وجه في ذلك يوجبه؛ لأن النصرة تجب لغير المؤمنين، كما تجب نصرة الذمي، ومن دخل دارنا بأمان وإن كان كافرا، ورسول الله ÷ قد كان عقد بينه وبين اليهود حلفا على المناصرة حتى نقضت
(١) سقط من (أ).