مجموع رسائل الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة (القسم الثاني)،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

يتلوه رسالة الإيضاح بعجمة الإفصاح

صفحة 535 - الجزء 1

  معه من المسلمين خيرا، إلى أن قال له في آخر الخبر: «إذا لقيت عدوكم من المشركين فادعوه إلى إحدى ثلاث خصال، فإن هم أجابوا إليها فاقبل منهم وكفّ عنهم: ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فاقبل منهم وكفّ عنهم، ثم ادعهم من التحوّل من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم: إن⁣(⁣١) فعلوا ذلك فإن عليهم ما على المهاجرين، ولهم ما لهم، وإن [هم]⁣(⁣٢) أبوا فأخبرهم: إنهم كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المسلمين، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين» فسماهم رسول الله ÷ مسلمين، وأجرى عليهم أحكام المسلمين، ومنع أن يكون لهم حظّ في الغنيمة والفيء ما لم يهاجروا، ولم يحكم بكفرهم إذا لم يهاجروا، ولم يعقل من هذا الخبر إلا أنهم أسلموا وأقاموا بدار الحرب، إذ لو كانت الدار التي هم فيها قد أسلم أهلها كلهم كانت دار إسلام ولم يلزمهم التحوّل عنها.

  قال أيده الله: اللهم إلا أن يقال: إن الحكم كان على عهد رسول الله ÷ أن أهل المدن والقرى إذا أسلموا بقاطبتهم، حتى لا يبقى بينهم كافر لا يقبل ذلك منهم حتى يهاجروا إلى المدينة، ولا يكون دارهم دار حرب ولا دار إسلام، فما الدليل؟ فتنعّم بالجواب عن هاتين المسألتين مبرهنا مفصّلا مشروحا على كل فصل من ذلك، ولا تمل إلى الإيجاز والاختصار؟

  الكلام في المسألة الأولى: أنّ الإسلام عندنا يصحّ في دار الحرب ودار الإسلام على سواء، والهجرة فرض آخر كفروض الإسلام المعلومة، ولا يجوز قتل المسلم في دار الحرب ولا في دار الإسلام، ولا بذلك قائل من أهل العلم، فإن قتله مؤمن مستأمن في دار الحرب من قبل أن يهاجر فإن قتله خطأ ففيه


(١) في (ب): إنهم إن.

(٢) زيادة في (ب).