مجموع رسائل الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة (القسم الثاني)،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

المسألة الأولى [في الخطاب من الله يحمل على الحقيقة أو المجاز]

صفحة 9 - الجزء 1

  المروي بما خلق من المأكول والمشروب والشبع والري ولو كان المأكول الذي يحصل بطبعه وإحالته لما اختلف الحال فيه، والمستعطش لا يروى، والنهم لا يشبع، وقد حصل الأكل والمأكول، والشرب والمشروب، وإضافة النفع إلى الماء والذهب والفضة وغيرهما مما ذكرنا من حصول النفع معه وفيه، والنافع على الحقيقة هو الله سبحانه لأنه الذي يجب شكره وعبادته على ما أولى وأسدى من نعمه الباطنة والظاهرة، وكذلك قوله تعالى: {فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ}⁣[النحل: ٥]، فلا ينكر ذلك أن النفع فيها الدفء، ولكن حديث المسلمين أن الله المدفئ والنافع، ولهذا امتنّ به علينا، ويجب شكره علينا؛ فلو كان حاصلا لغيره أو من فعل غيره أو بغير قصده لما وجب شكره وهو يتعالى عن ذلك أو بإحالة الجسم كما تقول المطرفية، أو طبيعة كما يقول الفلاسفة لكان خارجا عن اختياره.

  وكذلك ما ذكرنا من قوله «كل مسكر حرام» و «ما أسكر كثيره فقليله حرام» وغير ذلك فلا شك في صحة إضافة الفعل في اللغة إلى ما يصح أن يفعل وإلى ما لا يصح أن يفعل، وإلى ما يستحيل أن يصح الفعل منه، ولا مانع من ذلك في اللغة العربية، فقوله: الكثرة والقلة لا تجوز على الله سبحانه، ومرامه بذلك أن يبطل كون الفعل في الحقيقة صنعه، وتدبيره محنة وعقوبة، أو نعمة فيما يتعلق بالنفع من صنعه دون غيره وذلك برء ودلالة التعطيل من التوحيد والتوفيق نعوذ بالله من الخذلان، فالسكر هو زوال العقل والعقل من أجل النعم على العبد، فإزالة عقله بالسكر نقمة، وخذلان لشارب الخمر، ويستحق عليه السب، كما يقول في المرجوم: إنا نلعنه ونذمه لأن ما نزل به من العذاب وإن كان من فعل الله، أو في الحكم كأنه من جهته، لفعلنا في الحدود وهو في التقدير الثالث كأنه من فعل المحدود؛ لأنه فاعل سببه، كذلك