مجموع رسائل الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة (القسم الثاني)،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

المسألة الأولى [في الخطاب من الله يحمل على الحقيقة أو المجاز]

صفحة 10 - الجزء 1

  كالعذر بسبب العقل، أو حريق النار، وقد يكون حسن العذاب رحمة، كما نقول في حريق النار هو نقمة للكفار والفساق، ونعمة على زبانية النار، من الملائكة الأبرار، وكذلك زوال العقل بالسكر نقمة وعقوبة، وزواله بالنوم نعمة ورحمة، فتفهم ذلك، وعرّفه المحقق، فالسكر يضاف إلى الخمر في اللغة حقيقة؛ لأنها سببه الاعتيادي، وحاصلة معه أو عقيبه وذلك جائز، ولا فاعل لها طعمها وريحها وحدتها إلا الله، وقد سمعنا منهم وقت مناظرتهم أنا نقول: يخلق الباري النجس، قلنا: نعم، التنجيس والتطهير حكم يلزم فعله تعالى، فالميتة فعله وهي نجس والدم وهو كذلك، وقد ردّ سبحانه النجس طاهرا، والطاهر نجسا بقدرته، ولا اعتراض عليه، فالمني نجس، فإذا خلقه إنسانا كان حكمه الطهارة، أو حيوانا مخصوصا كالبهائم والسباع إلا الكلب والخنزير، فما في هذا من العجب، وكذلك يرد الميتة سبحانه والنجس طاهر بأن تبدل حالته الأولى بحالة ثانية كالميتة تزد بها ملحا، فأما ما ذكر من الحقيقة والمجاز، فذلك يرجع إلى استعمال أهل اللغة أو الشرع، اللفظة فإذا كثر لم يمتنع أن تعود الحقيقة مجازا كما يقول في المكان المطمئن من الأرض، كان يسمى غائطا على الحقيقة فلما كثر قضاء الحاجة المخصوصة فيه سموه غائطا، وصار لفظ الغائط حقيقة فيها ومجازا في الأول، فإن قيل: وكيف يستحق الذم على السكر وهو فعل الله سبحانه؟

  قلت: لأنه في الحكم كأنه من قبل المتعبد لارتكابه المحظور، وإلا فقبل التعبد بتحريم الخمر.

  كان أهل الملتين في استقامتهما اليهود والنصارى يسكرون فلا يذمون