مجموع رسائل الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة (القسم الثاني)،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

المسألة الأولى [هل هناك دار للفسق]

صفحة 70 - الجزء 1

  وأما ما ذكره من قوله قالوا: إنما نأخذ ما نأخذ من مال الفاسقين لتأخرهم عن الخروج إلى إمام المسلمين ومعاونة الظالمين، فقد أصابوا في قولهم؛ لأن تأخرهم عن الإمام معصية، ومعاونتهم للظالمين معصية.

  وقد بينا أنهم إنما يؤخذون عقوبة على المعصية، ولا أعظم معصية من هذين الوجهين لأن في الأول قال رسول الله ÷: «من سمع داعيتنا أهل البيت فلم يجبها كبه الله على منخره في نار جهنم»⁣(⁣١) ولا وعيد أعظم من هذا، وفي الأخرى لا أعظم من كون المؤمن ظهيرا للمجرمين، وإن كنا لا نشك في أن الضعفاء هم الذين لبسوهم الحرير، وركبوهم الذكور، وسقوهم الخمور، فأي عون أعظم من هذا، وقد احتج إخوانهم فيما تقدم فرد الحكيم سبحانه حجتهم خاسئة داحضة بقوله تعالى: {فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ} فردّ ذلك تعالى بقوله: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها}⁣[النساء: ٩٨] وصدق الله العظيم وبلغ رسوله النبي الأمين الكريم، لقد بلغ فأوسع، ونادى فأسمع، فالحجة له لا عليه.

  وقد روينا أن بعض أشياعنا الصالحين ¤ سأل محمد بن عبد الله النفس الزكية # قبل خروجه بمدين: يا ابن رسول الله ÷ متى يكون هذا الأمر - يعني خروجه ـ؟ قال: وما سرك به. قال: ولما لا أستر بأمر يعز الله به المؤمنين، ويخزي به الفاسقين. قال: يا أبا فلان، أنا والله خارج وأنا والله مقتول، ولكن والله ما يسرني ما طلعت عليه الشمس وأترك قتالهم يا أبا فلان، امرؤ لا يمسي حزينا، ويصبح حزينا مما يعاين من فعالهم لمغبون مفتون قال: قلت: يا ابن رسول الله، فكيف بنا ونحن بين أظهرهم لا نستطيع لهم ردا،


(١) حديث من سمع داعيتنا، سبق تخريجه.