مسألة [في الحدود]
  وأما ما حكى من قصة الملائكة $ في قولهم: {لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا}[البقرة: ٣٢] فإن المراد بذلك الغيوب وأصول العلم التي لا تصح إلا من جهته سبحانه؛ لأن العلوم كلها لو كانت من قبله تعالى فمنها القبيح الذي لا يجوز أن يفعله الحكيم تعالى كالسحر، والشعبذة، وترتيب أنواع الملاهي، وكيفية إيراد الشبهة لهدم قواعد الإسلام حرسه الله تعالى إلى غير ذلك، والحسن الذي يثاب عليه العبد فلا يجوز إضافة القبيح إلى الله تعالى لتعاليه عنه، ولا إضافة الحسن منها إليه لإثابته عليه، وهو لا يثيبنا على فعله كما لا يثيبنا على ألواننا وأجسامنا لما كانت فعله، فتفهّم ما ذكرت لك موفقا إن شاء الله.
مسألة [في الحدود]
  قال تولى الله إرشاده: قالت الزيدية: إن الأشياء تعرف بالحدود ما سوى الباري سبحانه قال: فليت شعري في الحدود ما تقول؟ هي من جملة الأشياء؟ قال: فإن كانت ليست من الأشياء انتقض كلامهم، وإن كانت منها احتاجت إلى ما تعرف به من حدود أخرى، والحد إلى حد آخر يؤدي إلى التسلسل وذلك محال؟
  الجواب عن ذلك وبالله التوفيق: اعلم أن السائل أرشده الله تعالى في هذه المسألة وغيرها يفتقر إلى معرفة الشيء، ومعرفة الحد، ومعرفة مذهب الزيدية، ليتمكن من الاعتراض عليها والنسبة إليها، ونحن نقدم له في ذلك مقدمة تكون وسيلة للطالب، ومنبهة للراغب.
  اعلم: أن الشيء عند المحققين من العلماء: ما يصح العلم به والخبر عنه وإن انفرد، والحد: كل أمر يكشف عن معنى أمر آخر على جهة المطابقة