مسألة [في متشابه القرآن]
  وحصر معناه وفائدته حتى لا يدخل فيه ما ليس منه ولا يخرج منه ما هو منه، كما تقول ذلك في حد الأسد: أنه السبع الشجاع العريض الأعالي، فإن هذا اللفظ خص هذا الجنس من السباع وميزها عن غيرها، والحد لا يكون إلا لمحدود، بل هو حقيقة لا فرق عند أهل الكلام بين الحد والحقيقة، فكيف نقدر فيه أن يعلم منفردا من الأشياء وهو نفس الأشياء، فإن أراد لفظ الحدود معناه وهو يعلم منفردا وله حقيقة لا تؤدي إلى التسلسل، وهي ما قدمنا من أن الحد: كل أمر يكشف عن معنى أمر آخر ويحصر معناه وفائدته إلى آخره ولا يمكنه تدريج ما هذا حاله؛ لأن الحد يراد للبيان، ويجب أن يكون أجلى من المحدود وليكشف معناه للسامع إلا أن يكون المحدود جليا، ويريد بالتحديد التحقيق والتفرس، وإذا قد صح لك من معنى الأشياء والحدود ما قدمنا كيف ينتقض كلام الزيدية والحال هذه.
  وأما قوله: فبما يعرف الحد؟ فهذا خطأ بني على وهم لأنه يوهم أن الزيدية تدعي أن شيئا من الأشياء لا يعلم إلا بالحد وليس ذلك عندهم؛ لأن عندهم أن الأشياء يعلمها من لا يعلم لفظ الحدود لأن العلم بالشيء هو علم بحقيقته وحقيقة الشيء حده، ويبقى الحدث؛ فإن عندنا أن حد الجسم: هو الجواهر المؤلفة طولا وعرضا وعمقا، وقد يعلم الجسم بالمشاهدة من لا يعلم هذا التفصيل وإن كان عنده معناه بأنه إذا شاهد الجسم على حالة شاهده كائنا، كما قدمنا تفصيله، فتفهم ذلك موفقا.
مسألة [في متشابه القرآن]
  قال تولى الله إرشاده: قالت الزيدية: إن المتشابه من القرآن ما التبست معانيه على سامعه فيبقى متردد الفهم بين المعاني. قال: وغرضهم بذلك تأول