مسألة [في وحدانية الله]
  والعبد قادر، وعالم والعبد عالم، وخالق والعبد خالق. قال: وهل هذا إلا الشرك والتشبيه؟ قال: وهل يسوّغ لهم ذلك مع قوله ø في قدرة الرحمن وضعف الإنسان: {أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً}[البقرة: ١٦٥]، وقوله تعالى: {وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً}[النساء: ٢٨]، وقوله في علم الرب وجهل العبد: {وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}[النور: ١٩] وقوله في الخلق: {هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ}[فاطر: ٣]، وقوله: {اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}[الزمر: ٦٢].
  الجواب عن ذلك وبالله التوفيق: أن مذهب الزيدية مستمر مستقيم على إثبات وحدانية الله تعالى في ذاته وصفاته، لا شريك له في ملكه، ولا نظير في سلطانه وذلك عندهم بأدلة صحيحة.
  وأما قوله: إنهم نقضوا ذلك بقولهم: إن العبد قادر والباري تعالى قادر، وعالم والعبد عالم، وخالق والعبد خالق. قال: وهل هذا إلا الشرك والتشبيه؟ فقوله جهل بكيفية النقض؛ لأن النقض أن يثبت أمرا على وجه ثم ينفيه على ذلك الوجه فيجعل علة النفي علة الإثبات، هذا معنى النقض.
  فأما إذا ثبت أمر على وجه ونفيه على وجه آخر فلا مناقضة في ذلك، ألا ترى أنّا نقول في الواحد منّا: إنه واحد، وكذلك نقول في الباري: إنه واحد، ولكن لا وجه للمساواة من هذا الوجه لأن الباري تعالى واحد من كل وجه، ووحدانية أحدنا جملية بمعنى أنه جملة واحدة ذات أبعاض وجوارح والباري يتعالى عن ذلك، وكذلك نقول فيما ذكر: إن العبد قادر بقدرة محدثة، والباري تعالى قادر بذاته، وكذلك في أمر العالم الواحد منّا علم بعلم، والباري تعالى عالم لذاته، وكذلك الكلام في خالق أن الواحد منّا لا يفعل إلا أجناسا من