السيرة النبوية المنتزعة من كتاب اللآلئ المضيئة،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

غزوة الفتح

صفحة 203 - الجزء 1

  نزل قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا}⁣[النساء: ٩٤] الآية، وقيل: نزلت في غيرهم والله أعلم، ورفع رسول الله ÷ يديه، ثم قال: «اللهم، لا تغفر لمحلم بن جثامة»⁣(⁣١).

  قال ابن إسحاق: وحدثني من لا أتهم، عن الحسن البصري، قال: قال: رسول الله ÷ حين جلس بين يديه: «أمَّنتهُ بالله ثم قتلته»، ثم قال له المقالة التي قال، فوالله ما مكث محلم بن جثامة إلا سبعاً حتى مات، فلفظَته - والذي نفس الحسن بيده - الأرض، ثم عادوا له فلفظته الأرض، ثم عادوا له فلفظته الأرض، فلما غلب قومه عمدوا إلى صدين فسطحوه بينهما، ثم رضموا عليه الحجارة حتى واروه، فبلغ رسول الله ÷، فقال: «والله، إن الأرض لتطابق على من هو شر منه، ولكن الله أراد أن يعظكم في حرم⁣(⁣٢) ما بينكم بما أراكم منه»⁣(⁣٣).

غزوة الفتح⁣(⁣٤)

  ثم كانت غزوة الفتح، وسببها أن أنس بن زنيم الدؤلي هجا رسول الله ÷، فسمعه غلام من خزاعة فضربه فشجه، فهاج الشر بين بني بكر حلف قريش، وبين خزاعة حلف رسول الله ÷، فسألت بنو بكر قريشاً أن يعينوهم بالرجال والسلاح على خزاعة، فأمدوهم بذلك، وخرج معهم نفر منهم، فبيتوا بني كعب من خزاعة على ماءٍ يقال له: الوتير قرب مكة وهم آمنون، فقتلوا منهم ثلاثة وعشرين رجلاً، وساقوهم حتى انتهوا بهم إلى الحرم، ثم ندمت قريش، وعلموا أن الذي صنعوا نقضٌ للعهد الذي


(١) سيرة ابن هشام ٤/ ١٩٢.

(٢) في (أ): جرم، وأثبته من (ب)، ومن سيرة ابن هشام.

(٣) السيرة النبوية لابن هشام ٤/ ١٩٣.

(٤) عن غزوة الفتح انظر: ابتسام البرق - خ -، والجزء الثاني من السفينة - خ -، وسيرة ابن هشام ٤/ ١٧ - ٤٣، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٧/ ٢٥٧ - ٢٨٤، ١٨/ ٧ - ١٨.