غزوة الفتح
  نزل قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا}[النساء: ٩٤] الآية، وقيل: نزلت في غيرهم والله أعلم، ورفع رسول الله ÷ يديه، ثم قال: «اللهم، لا تغفر لمحلم بن جثامة»(١).
  قال ابن إسحاق: وحدثني من لا أتهم، عن الحسن البصري، قال: قال: رسول الله ÷ حين جلس بين يديه: «أمَّنتهُ بالله ثم قتلته»، ثم قال له المقالة التي قال، فوالله ما مكث محلم بن جثامة إلا سبعاً حتى مات، فلفظَته - والذي نفس الحسن بيده - الأرض، ثم عادوا له فلفظته الأرض، ثم عادوا له فلفظته الأرض، فلما غلب قومه عمدوا إلى صدين فسطحوه بينهما، ثم رضموا عليه الحجارة حتى واروه، فبلغ رسول الله ÷، فقال: «والله، إن الأرض لتطابق على من هو شر منه، ولكن الله أراد أن يعظكم في حرم(٢) ما بينكم بما أراكم منه»(٣).
غزوة الفتح(٤)
  ثم كانت غزوة الفتح، وسببها أن أنس بن زنيم الدؤلي هجا رسول الله ÷، فسمعه غلام من خزاعة فضربه فشجه، فهاج الشر بين بني بكر حلف قريش، وبين خزاعة حلف رسول الله ÷، فسألت بنو بكر قريشاً أن يعينوهم بالرجال والسلاح على خزاعة، فأمدوهم بذلك، وخرج معهم نفر منهم، فبيتوا بني كعب من خزاعة على ماءٍ يقال له: الوتير قرب مكة وهم آمنون، فقتلوا منهم ثلاثة وعشرين رجلاً، وساقوهم حتى انتهوا بهم إلى الحرم، ثم ندمت قريش، وعلموا أن الذي صنعوا نقضٌ للعهد الذي
(١) سيرة ابن هشام ٤/ ١٩٢.
(٢) في (أ): جرم، وأثبته من (ب)، ومن سيرة ابن هشام.
(٣) السيرة النبوية لابن هشام ٤/ ١٩٣.
(٤) عن غزوة الفتح انظر: ابتسام البرق - خ -، والجزء الثاني من السفينة - خ -، وسيرة ابن هشام ٤/ ١٧ - ٤٣، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٧/ ٢٥٧ - ٢٨٤، ١٨/ ٧ - ١٨.