السيرة النبوية المنتزعة من كتاب اللآلئ المضيئة،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

فصل في وفاته ÷

صفحة 266 - الجزء 1

فصل في وفاته ÷

  روي أنه ÷ بعث أسامة بن زيد بن حارثة إلى الشام ثائراً بأبيه، ولأسامة يومئذٍ ثماني عشرة سنة، وأمره أن يوطئ الخيل تخوم البلقاء والداروم من أرض فلسطين، وأوعب معه المهاجرين الأولين وغيرهم، فتجهز الناس لذلك، وهو آخر بعث بعثه رسول الله ÷، وكان ÷ كثيراً ما يحرض في هذا البعث وإنفاذه، لا يرخص لأحدٍ فيه، فتكلم قوم، وقالوا: يستعمل أسامة⁣(⁣١) على جلة المهاجرين والأنصار، فغضب رسول الله ÷ لما سمع ذلك، وخرج عاصباً رأسه، وصعد المنبر وعليه قطيفة، فقال:

  «أيها الناس، ما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة، لقد طعنتم في تأميري أباه من قبله، وأيم الله إن كان لخليقاً بالإمارة، وإن ابنه من بعده لخليق بها، وإنهما لمن أحب الناس إليَّ، فاستوصوا به خيراً، فإنه من خياركم»⁣(⁣٢).

  ثم نزل ودخل بيته، وجاء المسلمون يودعون رسول الله ÷ ويمضون إلى عسكر أسامة، وثقل رسول الله ÷ من المرض، فأرسل بعض نسائه إلى أسامة، وبعض من كان معه ليعلموهم ذلك، فدخل أسامة من معسكره والنبي ÷ مغمور، وهو اليوم الذي لَدوه⁣(⁣٣) فيه، فتطأطأ أسامة عليه فقبَّله، ورسول الله ÷ قد أسكت فهو لا يتكلم، فجعل يرفع يديه إلى السماء، ثم يضعهما على أسامة كالداعي له، ثم⁣(⁣٤) أشار إليه بالرجوع إلى عسكره، والتوجه لما بعثه فيه، فرجع أسامة إلى عسكره، ثم أرسل نساء


(١) أسامة، زيادة من (ب).

(٢) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١/ ١٥٩ - ١٦٠، وسيرة ابن هشام ٤/ ٢١٠، وأخرجه مسلم في صحيحه ١٥/ ١٨٠ في كتاب فضائل الصحابة برقم (٢٤٢٦) مع اختلاف يسير في بعض ألفاظه، أخرجه من طريقين الأولى بسنده عن ابن عمر، والثانية بسنده عن سالم عن أبيه.

(٣) يقال: لد المريض بالبناء للمجهول، أي دووي باللدود بالفتح، وهو من الأدوية ما يسقاه المريض في أحد شقي الفم. (هامش في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١/ ١٦٠).

(٤) في (ب): فأشار.