فصل في وفاته ÷
  رسول الله ÷ يأمرنه بالدخول، ويقلن: إن رسول الله أصبح بارئاً، فدخل أسامه من عسكره يوم الإثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول، فوجد رسول الله ÷ مفيقاً، فأمره بالخروج وتعجيل النفوذ، وقال: «أغدُ على بركة الله»، وجعل يقول: «أنفذوا بعث أسامة» ويكرر ذلك، فودع رسول الله ÷ وخرج، وخرج معه أبو بكر، وعمر، فلما ركب جاءه رسول أم أيمن، فقال: إن رسول الله ÷ يموت، فأقبل ومعه أبو بكر، وعمر، وأبو عبيدة، فانتهوا إلى رسول الله ÷ حين زالت الشمس من هذا اليوم وقد مات ÷ واللواء مع بريدة بن الحُصيب، فركزه عند باب رسول الله ÷ وهو مغلق، وعلي #، وبعض بني هاشم مشتغلون بإعداد جهازه وغسله، فقال العباس لعلي وهما في الدار: أمدد يدك أبايعك، فيقول الناس: عم رسول الله ÷ بايع ابن عم رسول الله، فلا يختلف عليك اثنان.
  فقال: أو يطمع يا عم فيها طامع غيري(١).
  قال: ستعلم، فلم يلبثا أن جاءتهما الأخبار ببيعة أبي بكر(٢).
  وكان ابتداء مرض رسول الله ÷ وشكواه الذي قبضه الله فيه إلى ما أراد به من رحمته وكرامته، في ليال بقين من صفر، أو في شهر ربيع الأول، وخرج ÷ إلى بقيع الغرقد(٣) فاستغفر لهم، ثم رجع إلى أهله، فلما أصبح ابتدأه الوجع من يومه ذلك.
  وروي عن أبي مويهبة(٤) مولى رسول الله ÷ قال: بعثني رسول الله ÷ من جوف
(١) في (ب): فقال له: يا عم أو يطمع فيها طامع غيري.
(٢) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١/ ١٥٩ - ١٦١، وانظر سيرة المصطفى ٦٨٥ - ٧٠٣.
(٣) بقيع الغرقد بالغين المعجمة: أصل البقيع في اللغة: الموضع الذي فيه أروم الشجر من ضروب شتى، وبه سمي بقيع الغرقد، والغرقد: كبار العوسج، وهو مقبرة أهل المدينة، وهي داخل المدينة، (معجم البلدان لياقوت الحموي ١/ ٤٧٤).
(٤) أبو مويهبة: مولى رسول الله ÷، ذكره الحاكم الجشمي في السفينة - خ -، وقال: من مولدى مزينة، فأعتقه، وذكره ابن عبد البر في الاستيعاب المطبوع في حاشيته الإصابة ٤/ ١٧٩، فقال: كان من مولدي مزينة، اشتراه رسول الله فأعتقه، ويقال: إنه شهد المريسيع، روى عنه عبد الله بن عمرو بن العاص، وعبيد بن جبير، لا يوقف على اسمه، حديثه حسن في استغفار رسول الله ÷ لأهل البقيع، واختياره لقاء ربه ø. انتهى، (انظر مآثر الأبرار ١/ ٢٢٣ هامش رقم (٤».