السيرة النبوية المنتزعة من كتاب اللآلئ المضيئة،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

موت أبي طالب وخديجة، وخروج رسول الله ÷ إلى الطائف

صفحة 55 - الجزء 1

  الصحيفة، وخروج بني هاشم وبني المطلب من الحصار في الشعب بسنة وستة أشهر، ذكره الحجوري في (الروضة)، فتتابعت على رسول الله ÷ المصائب، وذلك قبل الهجرة إلى المدينة بثلاث سنين، ولما هلك أبو طالب نالت قريش من رسول الله ÷ من الأذى مالم يكن ينال في حياته، حتى اعترضه سفيه من سفهاء قريش، فنثر على رأسه تراباً، فدخل وهو يقول: «ما نالت قريش مني شيئاً أكرهه حتى مات أبو طالب»، وحضرت أبا طالب الوفاة، وحضره⁣(⁣١) الملأ من قريش، وسألوه أن يأخذ لهم من ابن أخيه، ويأخذ له منهم في حديث طويل، فعرض عليهم رسول الله ÷، أن يقولوا: لا إله إلا الله، ويخلعوا الأوثان، فصفقوا بأيديهم، وقالوا: يا محمدٌ، أتريد أن تجعل الآلهة إلهاً واحداً، إن أمرك لعجب، ثم تفرقوا، فقال النبي ÷ لأبي طالب: «فقلها، استحل لك الشفاعة»، قال: يا ابن أخي، لولا مخافة السبة لقلتها، فلما قرب من الموت حرك شفتيه، قال العباس: يا ابن أخي، لقد قال أخي الكلمة التي أمرته بها، فقال #: «لم أسمع»، هكذا حكاه في (سفينة الحاكم)⁣(⁣٢)، وقد حكى مصنف (الجوهر) إجماع العترة $ على إسلام أبي طالب، ومثله ذكر المنصور بالله #(⁣٣)، وكذلك الحاكم⁣(⁣٤) في (التهذيب)، حيث قال: في الرد على من زعم أن قوله تعالى. {هُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ}⁣[الأنعام: ٢٦] نزلت في أبي طالب، وهذا لا يصح من وجوه:

  منها: أنه عدول عن الظاهر وما يقتضيه الكلام الأول، لأن نسق الكلام الأول⁣(⁣٥) في ذمهم


(١) في (ب): فحضره.

(٢) السفينة ج ٢ - خ -، وانظر سيرة ابن هشام ٢/ ٤٩ - ٥٠، وشرح النهج لابن أبي الحديد ١٤/ ٧١.

(٣) المنصور بالله هو الإمام عبد الله بن حمزة بن سليمان الحسني اليمني # [٥٦١ - ٦١٤ هـ] أحد عظماء الإسلام ونجوم الآل الكرام، إمام مجتهد، مجاهد، مجدد، اكتملت فيه جوانب العظمة في شخصية الإنسان الرسالي، وفاق مجتهدي عصره علماً وأدباً وجهاداً، له عشرات المؤلفات منها: (الشافي) أربعة مجلدات، و (العقد الثمين) و (المهذب) في الفقه، و (صفوة الاختيار) في أصول الفقه وغيرها كثير، وفي شتى أنواع العلوم.

(انظر عنه وعن مؤلفاته كاملة أعلام المؤلفين الزيدية ص ٥٧٨ - ٥٨٦ ترجمة رقم (٥٩٢)).

(٤) أي الحاكم الجشمي السابقة ترجمته، فله كتاب في تفسير القرآن يسمى (التهذيب) ويقع في ثمانية مجلدات، ولا زال في عداد المخطوطات لم يطبع.

(٥) الأول، زيادة من (ب).