السيرة النبوية المنتزعة من كتاب اللآلئ المضيئة،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

بيعة العقبة [الثانية]

صفحة 69 - الجزء 1

  لرسول الله ÷، ثم تلا رسول الله ÷ عليهم القرآن، ورغَّبهم في الإسلام، وشرط عليهم أن يمنعوه مما يمنعون منه نساءهم، فأخذ البراء بن معرور بيده، وقال: والذي بعثك بالحق نبياً لنمنعنك مما نمنع منه أزرنا⁣(⁣١)، فبايعنا يا رسول الله، فنحن والله أهل الحرب، فاعترض الكلام أبو الهيثم بن التيهان، فقال: يا رسول الله، إن بيننا وبين الناس حبالاً، ونحن قاطعوها⁣(⁣٢)، فهل عسيت إن أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا، فتبسم رسول الله ÷، وقال: «أنتم مني، وأنا منكم، أسالم من سالمتم، وأحارب من حاربتم»⁣(⁣٣)، فبايعوه على أن يمنعوه مما يمنعون منه أبناءهم ونساءهم وأزرهم، وأقام ÷ اثني عشر نقيباً منهم، قد سماهم في (الإمتاع)⁣(⁣٤)، فلما تمت بيعتهم استأذنوا رسول الله ÷ أن يميلوا على أهل منى بأسيافهم، فقال: «لم أؤمر بذلك»، ثم اشتد الأذى على من بمكة من المسلمين، فأذن لهم الرسول ÷ في الهجرة إلى المدينة، فبادروا إلى ذلك في خفاء وتستر، فيقال: إنه كان بين أولهم وآخرهم أكثر من سنة، وجعلوا يترافدون بالمال والظهر، ويتوافقون⁣(⁣٥)، وكان ينزل كل وفد من المهاجرين ببيت من الأنصار فيكرمون نُزُلَهم، ويشاطرونهم أموالهم، ويبالغون في تأهيلهم وإكرامهم، هكذا ذكره ابن بهران⁣(⁣٦).

  وقال الحجوري في (الروضة): فلما أن كان في العام القابل أتوه وهم سبعون رجلاً


(١) في (ب): لنمنعك بما نمنع به أنفسنا وأزرنا.

(٢) في (ب): قاطعون.

(٣) ابتسام البرق - خ -، ورواه في سيرة ابن هشام ٢/ ٦٨ بزيادة في أوله وتقديم وتأخير، وبلفظ ابن هشام رواه الحاكم الجشمي في السفينة - خ - (ج ٢).

(٤) وذكرهم في السفينة أيضاً (ج ٢) - خ -، وأسماؤهم فيها: أسيد بن حضير، وأبو الهيثم بن التيهان بن مالك، وسعد بن خيثمة، وأسعد بن زرارة، وسعد بن الربيع، وعبد الله بن رواحة، ورافع بن مالك بن العجلان، والبراء بن معرور، وعبد الله بن عمرو بن حرام أب جابر بن عبد الله، وعبادة بن الصامت، وسعد بن عبادة، والمنذر بن عمرو بن خنيس. وانظر أسماءهم أيضاً في السيرة النبوية لابن هشام ٢/ ٦٨ - ٦٩.

(٥) في ابتسام البرق - خ -: ويتواقفون، وقال في هامشه في نسخة: ويترافقون.

(٦) ابتسام البرق - خ -.