مقومات الإمامة ومؤهلاتها
  فإن قيل: قولكم هذا يدخل فيه بعض الصحابة وحكمكم عليهم بالغدر حكم تجاوزتم فيه الحدود؛ لأن الصحابة خير هذه الأمة وفيهم فضل عظيم؟
  قلنا: للصحابة فضل، ولهم حقوق كما قدمناه مراراً؛ غير أنهم بالاتفاق لم ينالوا بالصحبة مقام القداسة، ولم يدخلوا بها في حصانة العصمة، بل لم يبلغوا إلى منازل أصحاب كثير من الأنبياء السابقين. ومن هنا فإنا نجد الله سبحانه وتعالى قد نعى عليهم الوهن والاستكانة والضعف وقلة الصبر مع نبيهم ÷، عكس ما كان عليه أصحاب الرسل قبلهم؛ فقال تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}[آل عمران ١٤٦]، ونجده سبحانه قد وصف بعضهم ممن شهد أحداً بقوله: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا}[آل عمران ١٥٢].
  ونجده سبحانه وتعالى استنكر عليهم ضعف الإيمان والتراجع على الأعقاب، فقال سبحانه: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ}[آل عمران ١٤٤]. وهناك أدلَّة كثيرة تبين مكانة الصحابة الحقيقية.
  أما تلك المكانة التي يذكرها بعض أهل المذاهب فإنما هي دعاية مزيفة، وترويج اصطنعه معاوية ومَن بعده من خلفاء بني أُميَّةَ لأغراض ومصالح سياسية، ولذا فإنك تجد عندهم حبَّ علي بن أبي طالب جريمة مخلة بالإيمان مع أنه صحابي! ومعاداته وسبّه وشتمه من مصححات الإيمان وشرائطه! لذلك فإن ثقاتهم الذين رووا أحاديث البخاري ومسلم كثيراً منهم ممن يشتم عليَّا #، أو يلعنه، أو يعاديه، أو ... إلخ، كما أسلفنا ذلك.