[ذكر ما جرى بعد وفاة النبي ÷]
  وقال الدكتور إمام عبد الفتاح في كتابه (الطاغية) ط ٣ (ص ٢٣٤): لقد وضع الأمويون منذ بداية حكمهم ثلاث نظريات تبرر استيلاءهم على السلطة:
  الأولى: أن الخلافة حق من حقوقهم، وأنهم ورثوها عن عثمان بن عفان؛ لأنه نالها من الشورى، ثم قُتِل ظُلماً، فخرجت الخلافة منهم وانتقلت إلى غيرهم فقاتلوا حتى استردوها، ولقد عبر الشعراء عن هذه الفكرة فقال الفرزدق:
  تراث عثمان كانوا الأولياء له ... سربال ملك عليهم غير مسلوب(١)
  ويقول للوليد:
  كانت لعثمان لم يظلم خلافتها ... فانتهك الناس منه أعظم الحرم(٢)
  وغير ذلك كثير مما قاله الأخطل لبشر بن مروان(٣)، وما قاله الفرزدق أيضاً.
  الثانية: أنهم أشاعوا في أهل الشام بصفة خاصة أنهم استحقوا الخلافة لقرابتهم من رسول الله ÷؛ فقد كان الشيوخ من أهل الشام يُقْسِمون لأبي العباس السفاح أنهم ما علموا لرسول الله ÷ قرابة ولا أهل بيت يرثونه غير بني أُميَّة حتى وليتم الخلافة. على ما يروي المسعودي [٣/ ٣٣].
  الثالثة: ثم استقروا على النظرية التي حكموا على أساسها، ودعموا بها ملكهم الاستبدادي وهي أن الله اختارهم للخلافة وآتاهم الملك، وأنهم يحكمون بإرادته ويتصرفون بمشيئته.
(١) ديوان الفرزدق (٢٧)، دواوين الشعر العربي (٣٧/ ٤٤٥)، الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار (١/ ٧١٠).
(٢) ديوان الفرزدق في قصيدة يمدح بها الوليد (٥٣٧).
(٣) انظر ديوان الأخطل (٧٠)، وغيرها من القصائد.