شقاشق الأشجان شرح منظومة عقود المرجان،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

بداية سلطان معاوية العام

صفحة 154 - الجزء 1

  في كل مصر، وتنافسوا في المنازل والدنيا.

  ثم كتب إلى عماله: أن الحديث في عثمان قد كثر وفشا في كل مصر وفي كل وجه وناحية، فإذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في فضل الصحابة، والخلفاء الأوَّلين، ولا تتركوا خبراً يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب إلا وتأتون بمناقضٍ له في الصحابة، فإن هذا أحب إليَّ وأقرّ لعيني، وادحض لحجة أبي تراب وشيعته، وأشد إليهم من مناقب عثمان وفضله.

  فقرئت كتُبُه على الناس؛ فرويت أخبارٌ كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها، وجدَّ الناس في رواية ما يجري هذا المجرى حتى شادوا بذكر ذلك على المنابر، وألقي إلى معلمي الكتاتيب، فعَلَّمُوا صبيانهم وغلمانهم في ذلك الكثير الواسع حتى رووه وتعلموه كما يتعلمون القرآن، وحتى علَّموه بناتهم ونساءهم وخدمهم وحشمهم، فلبثوا بذلك ما شاء الله.

  ثم كتب إلى عماله نسخة واحدة إلى جميع البلدان: انظروا من قامت عليه البينة أنه يحبُّ عليّاً وأهل بيته، فامحوه من الديوان، وأسقطوا عطاءه ورزقه.

  وشفع ذلك بنسخة أخرى: من اتهمتموه بموالاة هؤلاء القوم فنكِّلوا به، واهدموا داره؛ فلم يكن البلاء أشد ولا أكثر منه بالعراق، ولا سيما بالكوفة، حتى إن رجلاً من شيعة علي # ليأتيه من يثق به فيدخل بيته فيلقي إليه سره ويخاف من خادمه ومملوكه، ولا يحدثه حتى يأخذ عليه الأيمان الغليظة ليَكتُمَنَّ عليه؛ فظهر حديث كثير موضوع، وبهتان منتشر، ومضى على ذلك الفقهاء والقضاة والولاة.

  وكان أعظم الناس في ذلك بليَّة القُرّاء المراؤون، والمستضعفون الذين يظهرون