مروان بن الحكم (ت 65 هـ)
  كتابه ولعين رسوله.
  فأبعد الله أمةً فعلت ذلك ورضيت به ثم أبعدها، فبدلاً من أن تلعن اللعين، وتطرد الطريد، لعنت علي بن أبي طالب وأهل بيته، وطاردتهم وشردتهم، وجعلوا ذلك ديناً يتعبدون الله تعالى به، أوحاه إليهم معاوية وأمرهم به، ثم التزمت الأمة دين معاوية الذي شرعه لهم، وتركوا دين الله تعالى الذي جاء به رسولهم الكريم ÷، وهذا الصنيع من هذه الأمة خيانة لله ولرسوله وللمسلمين.
  هذا، وبعد موت معاوية بن يزيد اضطرب أهل الشام فيمن ينصبونه للخلافة، فمنهم من يشير إلى ابن الزبير القائم في مكة، ومنهم من كان هواه مع خالد بن يزيد، غير أنه كان صغيراً.
  ومروان بن الحكم كان ممن يرى الدخول في طاعة بن الزبير، غير أن عبيد الله بن زياد صرف مروان عن هذا الرأي، وزين له ترشيح نفسه للخلافة وقال له: أنت كبير قريش وشيخها ... إلخ. وهذا في حين أن مروان لم يكن يفكر في ذلك(١).
  ومما يلفت النظر هنا أن التاريخ لم يذكر أن أحداً من أهل الرأي أدلى برأي يرشح فيه أحداً من أهل البيت $ للخلافة، مع صلاحيتهم للخلافة واستجماعهم لشروطها المعتبرة عند القوم، بالإضافة إلى امتيازهم بالقرابة القريبة من رسول الله ÷، والسبب في ذلك ظاهر، وهو أن أهل الشام هم صنائع معاوية وصنائع بني أمية، ومن دينهم الذي شرعه لهم معاوية لعن علي # وأهل
(١) تاريخ الطبري (٥/ ٥٣٤) وأورده الذهبي في تاريخ الإسلام (٥/ ٣٦) وأبو حنيفة الدينوري في كتابه (الأخبار الطوال) (ص ٢٨٥) وانظر المختصر في أخبار البشر لأبي الفداء الملك المؤيد صحاب حماة المتوفى سنة ٧٣٢ هـ (ج ١/ ١٩٣) وتجارب الأمم وتعاقب الهمم (٢/ ١٠١).