قال أبو فِرَاس:

  ما نالَ منهم بنو حَرْبٍ وَإنْ عَظُمَتْ ... تلك الجَرَائِرُ إلَّا دُونَ نَيْلِكُمُ

  وفي أيام المقتدر قتل أكثر من أربعة أضعاف من قتلهم أبو جعفر المنصور.

  قوله: (السفَّاح)، سُمِّي الخليفة الأول بالسفَّاح لكثرة ما سفح من الدماء في عهده على أيدي دعاته وأنصاره بأمره، وقد كان في وصايا بني العباس لدعاتهم ما أوصوا به أبا مسلم الخراساني: واتهم ربيعة على أمرهم، وأما مضر فإنهم العدو القريب الدار، واقتل من شككت فيه، وإن استطعت أن لا تدع بخراسان من يتكلم العربية فافعل، وأيما غلام بلغ خمسة أشبار تتهمه فاقتله⁣^(⁣١).

  فأنت ترى كيف أغرى بنو العباس داعيتهم الكبير بقبيلتين ربيعة ومضر، وهاتان القبيلتان جامعتان لجميع القبائل العدنانية.

العوامل التي تجعل حكام الجَور يتمسكون بالمذاهب المنحرفة عن مذهب أهل البيت $:

  هذا، وكان من المفروض عادةً على العباسيين تغيير المذهب الفكري الذي كانت تنتهجه سلاطين بني أمية، وأن تتبنَّى لها منهجاً آخر بدلاً عنه.

  وقد حاول بعض الخلفاء العباسيين تغيير ذلك؛ غير أن ذلك لم يتم له بالنجاح، ولعل السبب الذي صرف العباسيين عن التغيير المذكور مع شدة حنقهم على بني أمية هو أن مذهب بني أمية مذهب تأسس وبُنِيَتْ قواعده من أجل مصالح سياسية

(١) ذكر ذلك ابن الأثير في «الكامل في التاريخ» (٤/ ٣٥١) وسبط بن الجوزي في «مرآة الزمان في تواريخ الأعيان» (١١/ ٣٥٨) والنويري في «نهاية الأرب في فنون الأدب» (٢٢/ ١٩) وابن خلدون في تاريخه (٣/ ١٢٩) والمقريزي في «المقفى الكبير» (٤/ ٨٤).