(المأمون) عبد الله بن هارون (الغوي) (ت 218 هـ)
  وقال: اسقوه رطلاً.
  فأخذه في يده اليُمنى، ثم قال: اجلس.
  فخرج فشربه، ثم عاد وقد شرب المأمون رطلاً آخر، فقال: اسقوه الثاني.
  ففعل كفعله الأول، ثم دخل فقال له المأمون: اجلس.
  فقال: يا أمير المؤمنين ليس لصاحب الشُّرَط أن يجلس بين يدي سيده.
  فقال المأمون: ذلك في مجلس العامة؛ فأما في مجلس الخاصة فطَلْقٌ(١).
  فأين(٢) هذا من ترجمان الدين القاسم بن إبراهيم # الذي قيل لمحمد بن منصور المرادي: إنك عاشرت القاسم بن إبراهيم مدة طويلة والناس يقولون: لم تستكثر من علمه؟
  قال: أوَتظنون أنَّا كلما أردنا كلامه كلَّمناه، من كان يقدر على ذلك؟! وكنت إذا لقيته فكأنما أُشرب حزناً، كل ذلك من ذكر الآخرة وخوف المعاد، وتأسفاً على هلاك الأمة، وضياع الدِّين، لغلبة أئمة الجَور.
  وروى أبو جرير علي بن صالح، قال: قال لي المأمون: أبغني رجلاً من أهل الشام له أدب يجالسني ويحدثني.
  فالتمست ذلك فوجدته، فدعوته وقلت: إني مُدخلُك على أمير المؤمنين، فلا
(١) تاريخ الطبري (٨/ ٥٧٨)، وتجارب الأمم وتعاقب الهمم (٤/ ١٤٦)، وكتاب بغداد لابن طيفور (٢٣)، وغيرها.
(٢) هذا من كلام الإمام إمام الكلام المنصور بالله عبد الله بن حمزة # في الشافي (١/ ٦١٤) عند غضبه على فقيه الخارقة في توليه لأئمة الضلال من بني العباس وعداوته لمعاصريهم من أئمة الهدى ومصابيح الدجى من أهل البيت النبوي الطاهر سلام الله عليهم.