(المأمون) عبد الله بن هارون (الغوي) (ت 218 هـ)
  العود فاندفع يُغَنِّي:
  أولئك قومي بعد عزّ ومنعة ... تفانوا فإلا أذرف العين أكمد
  فضرب المأمون الطعام برجله وقال لعلويَّه: يا ابن الفاعلة! لم يكن لك وقت تذكر فيه مواليك إلا هذا الوقت(١)؟
  وذكرنا ذلك لأن القوم لم يكن فيهم تحاشٍ من الشرب على الطرقات وفي الطرقات، ولا إحضار الندماء على اختلاف أجناسهم. انتهى من الشافي [١/ ٦١٦].
  وفي السنة الأخيرة من سني المأمون أراد أن يغير بعض السنن الموروثة عن بني أمية؛ فكتب إلى والي بغداد في امتحان الشهود والقضاة والمحدثين، فمن أقرّ بأن القرآن مخلوق خلي سبيله، ومن أبى عليه أعلمه به.
  وقد كان كتب المأمون رقعة يعرضها عليهم، فمن أقرّ بما فيها خلى سبيله، ففعل الوالي ما أمره به المأمون، فأحضر جميع المطلوبين وامتحنهم، فأقروا بما في الرقعة وأن القرآن مخلوق، إلا أحمد بن حنبل وثلاثة معه فشُّدُّوا في الحديد؛ فلما كان من الغد أقر اثنان، وأبى أحمد بن حنبل و محمّد بن نوح فشُّدا في الحديد، ووجه بهما إلى المأمون.
  وقد ثقلت وطأة المأمون على المذهب الأموي، وذلك بسبب إظهاره الميل إلى أهل البيت فيما سوى الخلافة؛ غير أن ذلك المذهب الأموي العريق كان قد تمكن
= حدثني ألهاني، وإن غناني شجاني، وإن رجعت إلى رأيه كفاني، وهو تلميذ إبراهيم، وأخباره في كتاب الأغاني لأبي الفرج، وإبراهيم الرقيق في الأغاني، وكان الواثق يقول: غناء علوية مثل نقر الطست يبقى ساعة في السمع بعد سكوته. اهـ من الوافي بالوفيات (٢١/ ١٤٠).
(١) الأغاني لأبي الفرج (٤/ ٤٩٧)، مختصر تاريخ دمشق (١٨/ ١١٥)، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب (٣/ ١٣٢).