شقاشق الأشجان شرح منظومة عقود المرجان،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

الاعتزال في عهد المأمون والمعتصم والواثق

صفحة 285 - الجزء 1

  أدلة قرآنية غير هذه، توجد في كتب الكلام.

  وهذا في حين أن القائلين بقدم القرآن لم يأتوا على إثبات دعواهم بأي دليل.

  وهذه المسألة التي ذكرها مولانا الناظم # في نظمه هي إحدى المسائل التي دعا إليها الواثق، ومن قبله أبوه المعتصم، وعمه المأمون.

  وهناك غيرها من المسائل حاولوا خلال ولايتهم إبطالها، كمسألة التشبيه والصفات، والجبر، والقدر، وغير ذلك.

  وكان هؤلاء الملوك الثلاثة قد انحرفوا عن مذاهب بني أمية، وأعرضوا عنها، وأبعدوها، وتنكروا لها، وعذبوا أهلها وسجنوهم، حتى قيل: إنهم جلدوا أحمد بن حنبل ستمائة جلدة على القول بقدم القرآن.

  غير أن المتوكل بن المعتصم أخا الواثق لما استولى على الخلافة بعد أخيه - أظهر الميل إلى السنة، كما قال السيوطي في تاريخ الخلفاء [٢٥٢]، ونصر أهلها، واستقدم المحدثين إلى سامرَّاء، وأكرمهم، وأمرهم أن يُحدّثُوا بأحاديث الصفات والرؤية، حتى قال قائلهم - أي: قائل أهل الحديث⁣(⁣١) -: الخلفاء ثلاثة: أبو بكر الصديق في قتل أهل الرِّدَّة، وعمر بن عبد العزيز في رد المظالم، والمتوكل في إحياء السنة⁣(⁣٢).

الاعتزال في عهد المأمون والمعتصم والواثق

  نشأ الاعتزال ونمى وازدهر وكثر أتباعه وأعلامه في هذا العصر، فتحولت


(١) هو: إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد التَّيْمِيّ قَاضِي الْبَصْرَة، أفاده الصفدي في «الوافي بالوفيات» (١١/ ١٠١).

(٢) انظر المنتظم في تاريخ الملوك والأمم لسبط ابن الجوزي (١١/ ١٨٠)، وتاريخ دمشق (٧٢/ ١٥٩)، وسير أعلام النبلاء (٩/ ٤٤٤)، الوافي بالوفيات للصفدي (١١/ ١٠١)، وتاريخ الخلفاء (ص ٢٥٢) وستأتي.