تأريخ أسود وصورة من ظلم بني أمية وبني العباس
تأريخ أسْوَد وصورة من ظلم بني أميَّة وبني العبَّاس
  الشدة والقسوة كانت من السمات الواضحة على خلفاء بني العباس ومن قبلهم خلفاء بني أميَّة، فلا تعرف قلوبهم الرحمة والرّأفة بالمسلمين {لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلّاً وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ}[التوبة: ١٠]، حتى أن القارئ لتاريخ سلاطين الدولتين إذا استقرأ تاريخهم في الإسلام واستقرأ تاريخ حُكام العالم في العصر الحاضر لا يجد لهم شبهاً؛ اللَّهُمَّ إلاَّ النازية والفاشية والصهاينة أو الشيوعية في بداية ثورتها، أو صرب يوغسلافيا، والبوسنا والهرسك.
  ومع هذا الشبه فإنك تجد لخلفاء الدولتين الريادة في القسوة، فإن الخلفاء منذ عهد معاوية إلى آخر عهدهم كانوا يقتلون على التهمة والظِنة من غير محاكمة؛ بل بمجرد قول الوالي: اضربوا عنقه.
  وكان الخليفة يجعل لولاة الأمصار كامل الصلاحية والتفويض بقتل من شاءوا وصلب من أرادوا، وتعذيب من اختاروا «لا يُسأل عما يفعل!» ويصادر الوالي الأموال، ويخرب البيوت، ويفعل العظائم والجرائم كيف يشاء وعلى حسب ما يشتهي ويريد، ولا يحتاج في فعل شيءٍ من ذلك إلى محاكمة، وهكذا كان الولاة، ووكلاء الولاة، والأمراء والقواد، لكل منهم نفس ذلك التفويض وتلك الصلاحية، «يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد»، و «لا يسأل عما يفعل وهم يسألون»، فيقتل ويسفك، ويصلب لسبب أو لغير سبب؛ بل لمجرد التلاعب والتشهي، والإثم والبغي، كل ذلك من حقوقه التي خوّله إيَّاها خليفته، والتي يزينها لهم علماؤهم المتقربون إليهم باختلاق الروايات في وجوب السمع والطاعة، وتحريم الخروج على الظالم، و ... إلخ.