تأريخ أسود وصورة من ظلم بني أمية وبني العباس
  وأصل كل ضلالة وفتنة، ومنبع كل فُرقة ومحنة في هذه الأمة والأمم السالفة اتباع الأهواء، والإخلاد إلى الدنيا، ومحبة الترأس على الأحياء، فإنه لم يستقم الملك للملوك العاتية والجبابرة الطاغية إلاَّ بمخالفة أنبياء الله وكتبه، ومباينة أوليائه وأهل دينه كما قصه الله في كتابه وعلى ألسنة رسله، ولم تتم لعلماء السوء الرئاسة منهم، والتقربُ لديهم، ونيل حطام دنياهم إلا بتقرير ما هم عليه، وتأييد ما مالوا إليه، وقد علم كلُّ ذي عِلْمٍ، وفَهِم كل ذي فهم ما جرى لأهل بيت النبوة في هذه الأمة، وما فعله ملوك الدولتين الطاغيتين مع العترة المطهرة، وما ساعدهم به علماء السوء وفقهاءُ الضلالِ، من اتِّباع أهوائهم على كل حال، ورفض أهل بيت نبيهم، وطرح ما يدينون به من دين ربهم، حتى غيَّرُوا معالم دين اللَّه، وافتروا على اللَّه وعلى رسوله ÷ لترويج ما يهوونه - من الصد عن سبيل اللَّه - في الأفعال والأقوال، كل ذلك معارضة للآل، ومخالفة لما أمرهم به في شأنهم ذو الجلال.
  وقد قصد ملوك السفيانية والمروانية والعباسية استئصالَ السلالة النبوية، وإبادةَ الذُّرِّية العلوية، وإزالتهم عن وجه البسيطة بالكلية، وأبلغوا مجهودهم في طمّ منارهم، وطمس أنوارهم، فأبى اللَّه تعالى لهم ذلك، وغلبهم على ما هنالك، كيف وهم قُرناء الكتاب! والحُجة على ذوي الألباب! والسفينة المنجية من العذاب! والثقل الأصغر الذين خلفهم الرسول ÷ مع الثقل الأكبر في الأرض، ولن يفترقا إلى يوم العرض؟! {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}[التوبة: ٣٢].
  وتهافَتَ في أثر الملوك الجبارين، والعلماء المضلين، الذين حذَّر عنهم سيد