شقاشق الأشجان شرح منظومة عقود المرجان،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

شرح بلاغي

صفحة 36 - الجزء 1

  بلغ غايته في العظم، وحقّاً فإن الحوادث التي تعجب منها مولانا الناظم # تستدعي الغاية من العجب؛ فالتنكير هنا في أحسن مواقعه عند البُلغاء.

  وقد جاء البيان - لما كان منشأً للعجب - باسم الإشارة، الذي يفيد هنا التحقير والذم مع التمييز له غاية التمييز، ثم أردف ذلك التمييز بتمييز آخر، فأعاد لفظ الدهر مُنَكَّراً ليفيد تحقير الدهر ثانياً.

  والتنكير يراد به التنويع هنا، فتكون هنا استفادة التحقير إنما هي بالتبع مع ما يفيده ذلك من تَوَجُّعِهِ وشكايته من الدهر.

  وقد اشتمل هذا الشطر من البيت - أيضاً - على إيجاز القصر، بحذف عامل «عجباً»، وعلى الإطناب، وذلك بالبيان بِـ «مِنْ ومجرورها». وفيه مجاز عقلي ضمني، وذلك حيث بَيَّنَ العجبَ بالدهر، والدهر لا يستدعي العجب، وإنما يستدعيه الحوادث الواقعة فيه. ويحتمل أنه على حذف مضاف تقديره «عجباً لحوادث هذا الدهر»، فيكون في ذلك مجاز الحذف مع المجاز العقلي الصريح.

  وكل هذا مع ما في الاستفتاح بلفظ العجب الْمُنَكَّرِ، ثم الإجمال⁣(⁣١) في ذكر الباعث عليه - من الداعي إلى الإصغاء والاهتمام.

  فقد جاء هذا الشطر مطابقاً للمعنى الذي سيق له ومصوِّراً له تصويراً يكاد يكون ملموساً من غير إفراط ولا تفريط، وتماماً كما يقول أهل البيان في حقيقة الكلام البليغ: إنه المطابق لمقتضى الحال.

  وفي الشطر الثاني:


(١) وذلك في قوله: «من دهر» فإنه بيان للباعث على التعجب، وهو مجمل كما ترى.