شقاشق الأشجان شرح منظومة عقود المرجان،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

شرح بلاغي

صفحة 39 - الجزء 1

  ٣ - يَا أُمَّةً عَلِمَتْ وَمَا عَمِلَتْ ... لِنَبِيِّهَا في أَهْلِهِ تَزْرِي

  وذلك لما بين الأبيات من الارتباط، فنقول: الشطر الأول، وهو قوله: (يَا أُمَّةً عَلِمَتْ وَمَا عَمِلَتْ)، فيه من ذلك:

  ١ - أنه مفيد لشيءٍ من التفصيل الذي سبقت الإشارة إليه على سبيل الإجمال.

  ٢ - وهذا بالإضافة إلى إفادة المبالغة في الذم؛ وذلك من جهة أنه يفيد الذم أصلاً، واستفيدت المبالغة فيه من:

  - جهة القطع أوَّلاً، ونعني به ما يشبه قطع الصفة⁣(⁣١).

  - ومن جهة حرف النداء، الذي هو «يا» ثانياً.

  - ومن تنكير المنادى ثالثاً.

  وتفصيل ذلك: أمَّا القطع فدلالته على المبالغة في الذم أو المدح مشهورة، ذكرها أهل النحو والبيان، وما نحن فيه شبيه بذلك. وأمَّا الياء - الذي هو حرف النداء - فتفصيله: أن «يا» موضوعة أصلاً لنداء البعيد، فتوسع المولى # هنا فيها توسعاً بيانيّاً على جهة الاستعارة التبعية، فأشار بها إلى أنَّ الأمَّة قد أبعدت إلى غاية بعيدة في فعل ما يكسبها الذم والمقت، وأفرطت في الذهاب إلى ذلك، فنزل ذلك البعد المعقول منزلة بُعْدِ المكان المحسوس، فجاء بـ «يا» الموضوعة لذلك.

  وأمَّا تنكير المنادى فدلالته على المبالغة في الذم من حيث أن التنكير يفيد الذم، فإذا جاء - أي: التنكير - في صفة تفيد الذم تَضَاعَفَ به الذمُّ فتحصل حينئذ المبالغة.


(١) وذلك حيث انتقل إلى النداء للأمة بقوله: «يَا أُمَّةً عَلِمَتْ وَمَا عَمِلَتْ» فهو يشبه قطع الصفة المذكور في كتب النحو، والله أعلم. (محقق).