شقاشق الأشجان شرح منظومة عقود المرجان،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

شرح بلاغي

صفحة 41 - الجزء 1

  هذا، والفِعْلان (علمت، عملت) في الأصل متعديان وقد نُزِّلا هنا منزلةَ الفعل القاصر، فلم يذكر لهما مفعولان؛ ليفيدا زيادة الذم، وذلك من حيث أن الفعل الأول أثبت للأمة صفة العلم، والثاني نفى عنها صفة العمل على الإطلاق، وهذا أبلغ في الذم مما لو ذكر المفعولان على أيِّ صفةٍ ذُكِرا من تعميم أو تخصيص.

  الشطر الأخير من البيت الثالث، وهو: (لِنَبِيِّهَا في أَهْلِهِ تَزْرِي)، فيه من أبواب البلاغة:

  ١ - أن هذا الشطر قد جاء على طريقة الاستئناف البياني، فيفيد - زيادة على الدلالة الوضعية - فوائد عارضة تسببت عن هذا التركيب وهي:

  أ - الارتباط والاتصال بما قبلها حتى صارت كالكلام الواحد، ومن هنا ترك الربط بحرف العطف.

  ب - التوضيح والبيان والتفصيل لما سبق.

  جـ - والتعليل أيضًا.

  د - وشيئًا من التوكيد.

  هـ - الإطناب، وذلك من حيث الإجمال أوَّلًا في الشطر الأول، ثم التفصيل في الشطر الثاني.

  ٢ - إضافة النبي إلى الأمَّة يفيد التعريف أصلاً؛ غير أنه يفيد - مع ذلك - فوائد بيانيه عارضة، ترفع الكلام من الحضيض إلى منازل البلاغة العليا. والفوائد البلاغية هي:

  أ - زيادة المبالغة في توبيخ الأمة حيث تعمدت بالإزراء نَبِيَّهَا الكريمَ، الذي أخرجهم الله به من الظلمات إلى النور، والذي ... إلخ.

  ب - وكذلك المبالغة في تقبيح صنيع الأمة، وهو الإزراء والتجهيل لها من حيث أنها الفاعلة لذلك الصنيع، وزيادة الغفلة وكفر النعمة و ... إلخ.