سورة المائدة
  
  قولهم عملهم ونيتهم، فنصروا الله، وجاهدوا في سبيله بأموالهم وأنفسهم، وأخلصوا دينهم لله، قال تعالى: {يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}[الحشر: ٨] وقال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}[الحجرات: ١٥] وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}[التوبة: ١١٩].
  {لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} وهذا لاستحقاقهم الثواب والتكريم، فبالأولى أن صدقهم نَفَعهم بأن نجاهم من النار، فتم بالصدق نفع الصادقين.
  وقوله تعالى: {وَرَضُوا عَنْهُ} لعله بمعنى رضوا عنه في إثابتهم بما أثابهم به من النعم، كقوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}[الضحى: ٥] أو هو تعبير عن عظم سعادتهم برضوان الله عنهم، وبرضوانِهم عنه وحبهم له {ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} لأنه سعادة عظمى دائمة، ونجاة من كل شر.
  (١٢٠) {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} {لِلَّهِ} وحده {مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ} من المخلوقات من العقلاء وغيرهم، وذلك يعم المسيح ابن مريم وأمه @، والملك لله وحده ليس لهما فيه نصيب يشاركان به {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} بما قد تقرر من الاحتجاج في هذه السورة على أهل الكتاب وغيرها، تقرر أن لله ملك السموات والأرض وما فيهن، وأنه على كل شيء قدير.