التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الأنعام

صفحة 412 - الجزء 2

  أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ ٢ وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ ٣ وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ


  وفي (تفسير الغريب) للإمام زيد بن علي @: «معناه: تجعلون له مثلاً وتشركون به» انتهى، وفي (الصحاح): «والعديل: الذي يعادلك ذلك في الوزن والقدر» انتهى، قال الشرفي في (المصابيح): «وفائدة {ثُمَّ} استبعاد أن يعدلوا به بعد وضوح آيات قدرته ...» إلخ.

  وفي هذه الآية إشارة إلى معظم ما يأتي في هذه السورة من ذكر آيات الله، وما يأتي فيها من الرد على المشركين، والعدل بالله يصدق على أنواع الشرك كلها.

  (٢) {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ} وهذه آية أخرى تدل على قدرته وعلمه وملكه للإنسان، يتصرف فيه كيف يشاء، وقدرته على إحيائه بعد الموت وجزائه.

  {خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ} بدأ خلق الإنسان من طين، وهو خلق أبينا آدم # من الطين بتسوية صورته من الطين، الذي هو تراب ممزوج بالبلل {ثُمَّ قَضَى أَجَلاً} ثم قضى لكم أجلاً في الحياة أو للممات، والمعنى متقارب، فالحياة حتى الممات هي بقضائه تعالى، وذلك يستلزم أن الممات بقضائه تعالى، والممات هو بقضائه في حينه المقضي يكون لا يتقدم ولا يتأخر، وذلك يستلزم أن بقاء الحياة بقضائه.

  {وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ} وأجل آخر {مُسَمًّى} معين وقته محدود {عِنْدَهُ} في قدرته وعلمه يأتي بالمؤجل به في حينه، والأقرب: أنه أجل القيامة، وهكذا في (تفسير الإمام زيد بن علي @) فحياة كل شخص مؤقته بتأجيل الله، وتناسل القرون في هذه الحياة الدنيا مؤجل بتأجيل الله،