سورة الأنعام
  أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ ٦ وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي
  (٦) {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ} {أَلَمْ يَرَوْا} آثار من قد {أَهْلَكْنَا} قبلهم من القرون الكثيرة فيعلموا كثرتها، أو ألم يعلموا {كَمْ أَهْلَكْنَا} أي جواب كم أهلكنا أي أنهم كثير، يحق لهم أن يعتبروا بهم، ويحذروا أن يهلكهم كما أهلك القرون التي أهلكها من قبلهم، فما بالهم لم يعتبروا بهم ويحذروا التكذيب والإستهزاء بالحق، كأنهم لم يروا كم أهلكنا قبلهم، فالسؤال للتوبيخ.
  وأما (القرن) فقال الشرفي في (المصابيح): «وفي القرن يقول المرتضى #: القرن: الخلف الذي يكون بعد الأول الفاني، فأما ما يقال به من ثمانين سنة فليس ذلك بشيء؛ لأنا قد رأينا قوماً يزيدون على الثمانين في عصر واحد، ولكن القرن ما خلف مَن قد مضى، ويقال: القرن؛ لأنهم غير الأولين، وفي ذلك ما يقول الشاعر:
  إذا ذهب القرن الذي أنت فيهم ... وخُلِّفتَ في قرن فأنت غريب»
  انتهى.
  {مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ} بما جعلنا لهم فيها من المستقر والمال والقوة {مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ} أي هو قليل بالنسبة لما جعلنا لهم {وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا} بالأمطار المتتابعة الكثيرة.