سورة الأنفال
  
  بالخروج إلى المدينة المنورة دار الهجرة التي صارت دار الإسلام والإيمان، ومأوى الرسول ÷ ومن معه من المهاجرين والأنصار، فحكم بالولاية بين المؤمنين المهاجرين الذين جاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، والذين آووا رسول الله ÷ وآووا من معه من المهاجرين في وقت الهجرة، وذلك ببذل بلادهم لهم، وإمدادهم من مالهم، والجهاد معهم لحماية الرسول ÷ وإيوائه ومن معه، ونصروا رسول الله ÷ بالجهاد معه وفي نصرته.
  وهذا يفيد إيمانهم؛ لأن الذين في قلوبهم مرض والمنافقين لم يكونوا كذلك، فأهل هذه الصفات من المهاجرين والأنصار أولئك بعضهم أولياء بعض، فهم إخوان في الدين متعاونون على نصرته وحمايتهم له ÷، همُّهم في ذلك واحد، فبعضهم مع بعض لا يتولون الكفار، فهم مجتمعون على ذلك متحابون عليه، وذلك معنى الولاية، فكل مهاجر ولي لكل أنصاري من المؤمنين والعكس.
  {وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} فلا ولاية بينكم وبينهم؛ لأنهم ليسوا معكم في الأمر المهم الذي هو التعاون على نصر الدين وحمايته والتآخي عليه، حتى يهاجروا أو يصيروا معكم في ذلك.
  {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} {اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ} وذلك إذا قوتلوا على الدين ليرجعوا إلى الشرك، أو هَمَّ قوم بقتالهم ليرتدوا، فعلى رسول الله ÷ أن ينصرهم هو ومن معه من المهاجرين والأنصار مع عدم الولاية، ينصروهم لينقذوهم منهم ويتمكنوا من الهجرة، إلا على مَن بينه وبينهم عهد على الصلح يتمسك به المعاهدون ويثقون به في ترك الحرب، فعلى الرسول ÷ وعلى من معه التمسك بالميثاق، وترك نصرة هؤلاء الذين