سورة هود
  يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ ٣ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَى
  (٢) {أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ} هذا من تفسير الكتاب وبيان مضمونه جملة وخلاصة معانية، وقد أجري التعبير فيه عن الرسول ÷ لأنه والكتاب كالشيء الواحد، فكأن ذكر الكتاب ذكر للرسول وقد مر اعتبارهما كالشيء الواحد، وهو ظاهر في قوله تعالى: {قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ ..}[الطلاق: ١٠ - ١١] ونظير جعل التعبير عنه ÷ قوله تعالى في الملائكة: {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ}[الصافات: ١٦٥].
  وقوله تعالى: {أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ} يفيد: النهي عن الشرك في العبادة، وتشريع العبادة لله وحده، وأتبعه بقوله: {إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ} أي من الله {نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ} لأنه ينذر المشركين بعذاب شديد كما هو مبين في موضع آخر من الكتاب، بل وينذر المكذبين بآيات الله وسائر المجرمين المصرين بعذاب النار ويبشر المؤمنين المتقين بجنات النعيم، كل ذلك مبين في الكتاب وعلى المرسَل إليهم تفهم ما أوجزه هنا طلباً للنجاة مما أنذرهم، فهو أمر تدعو إليه فطرة العقول، والعبادة تشمل طاعة الله في العبادات، والمعاملات، والمواريث، والأخلاق، بامتثال أمره واجتناب ما نهى عنه، وتشمل اتباع ما أنزل على رسوله ÷.
  (٣) {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ} وهذا بيان معطوف على البيان الأول، وقوله: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ} دعوة للمشركين وهم عامة الناس وجمهورهم يوم نزول الكتاب لم ينج منه إلا القليل وكان الفساد ظاهراً بسبب الجاهلية بالشرك على اختلاف أنواعه وبغيره من المنكرات.