سورة يوسف
  لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ١١١
  وقوله تعالى: {جَاءَهُمْ نَصْرُنَا} أي جاء الرسلَ نصرُنا بتعذيب المكذبين لهم، وقوله تعالى: {فَنُنْجِيْ مَنْ نَشَاءُ} أي من نشاء أن ننجيه، ولعله هنا بمعنى الرسل ومن آمن بهم أنجاهم؛ لأنه قادر على إنجاءهم في حال إهلاك قومهم فأنجاهم بمشيئته بأي وسيلة شاء.
  وقوله تعالى: {وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} أي ولم ينجَ المجرمون من العذاب عند نزوله عليهم لا بقولهم: {آمَنَّا} حين رأوه ولا بأي وسيلة؛ لأنه {لا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ}.
  (١١١) {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} {لَقَدْ كَانَ فِي} قصص الرسل المذكور في القرآن عبرة لأولي الألباب أي لأهل العقول نافعة لمن استعمل عقله فاعتبر بها {مَا كَانَ} أي ما كان القصص ذلك {حَدِيثًا يُفْتَرَى} بل هو الحق ففيه العبرة.
  ولكن ذلك القصص {تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ} من الكتاب الذي هو التوراة أو التوراة والإنجيل؛ لأن فيه ما يصدق قصصاً فيها فذلك دليل على أنه من الله أنزله على رسوله محمد ÷ لأنه لم يكن يتلو من قبل القرآنَ كتاباً ولا يخطه بيمينه، وهو نشأ أمّيَّاً في أمّة أُمِّيِّين، فلا يُعقَل أن يعلم قصص القرآن إلا بوحي من الله.
  والأقرب: أن قوله تعالى: {مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى} بمعنى ما كان القرآن الذي فيه القصص حديثاً يُفْترى، بدليل بقية الآية قوله تعالى: