سورة الإسراء
  انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا ٢١ لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا ٢٢ وَقَضَى
  (٢٠) {كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا} {كُلا} أي كل الفريقين من كان يريد العاجلة ومن أراد الآخرة {نُمِدُّ} نعطي العطاء بعد العطاء لا يمنع فضلَ الله عصيانُ العاصي ولا اشتغال الساعي للآخرة بسعيها، وقوله: {هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ} بيان لقوله تعالى: {كُلاًّ} أي للمضاف إليه المعوض بالتنوين، وقوله تعالى: {وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا} أي ما كان ممنوعاً لأنه لا مانع لما أعطى {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا}[فاطر: ٢].
  (٢١) {انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا} {انْظُرْ} أيها الإنسان {كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ} بعض مَن أراد الدنيا وبعض من أراد الآخرة فضلنا بعضهم {عَلَى بَعْضٍ} في الرزق لم يمنع من التفضيل أحد لا حاسد ولا غيره؛ لأن الله غالب على أمره وهو ابتلاء للفريقين.
  وقوله تعالى: {وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا} فهو واقع ما وعد الله به أولياءه كما وقع التفضيل في الدنيا إلا أن التفضيل في الآخرة تابع للعمل يخص من أراد الآخرة، ولعل سياق الآية - أيضاً - للترغيب في درجات الآخرة وتفضيلها ببيان أن الناس يعظم في نفوسهم ما فضل الله به بعضهم على بعض في الدنيا فليعرفوا بذلك عظم تفضيل درجات الآخرة وتفضيلها فإنه أكبر، وقوله: {دَرَجَاتٍ} هي منازل الثواب وهي تشريف وتعظيم تابع للعمل، فأهلها مفضلون بها على قدر أعمالهم، وبقية النعيم في الجنة فيه تفضيل تابع للدرجات ولما شاء الله من الأسباب.