سورة الإسراء
  رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ٢٣ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ٢٤ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ
  أرهف شفرته حتى ... قعدت كأنها حَرْبة»
  انتهى، قال شارحه ابنُ يعيش: ولا عهد لنا بـ (جاء) في معنى (صار) إلا في هذا المثل، يعني قول الخوارج لابن عباس: ما جاءت حاجتك، فقول صاحب المفصل: ونظيره قول الأعرابي يفيدُ غرابته، مثل: ما جاءت حاجتك أو قريباً منه.
  ولذلك فالراجح في قول الله تعالى: {فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا}: هو التمام، كما بينته، وقد جاء في المدح: {أُمَّةٌ قَائِمَةٌ}[آل عمران: ١١٣] والقيام ضد القعود فصح الذم أو نحو الذم بالقعود بل قد جاء الذم به في قول الشاعر:
  دع المكارم لا تنهض لبغيتها ... واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
  (٢٣ - ٢٤) {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} {وَقَضَى رَبُّكَ} حَكَم عليكم وأوجب {أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} ولعله أعيد بعد قول الله تعالى: {لاَ تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} ليكون دافعاً لما يتوهم من قوة الحث على بر الوالدين أنه يجوز طاعتهما في الشرك أو في معصية الله تعالى كطاعة أهل الكتاب لرهبانهم وأحبارهم.
  وقوله تعالى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} أي قضى أن تحسن أيها الإنسان بالوالدين إحساناً، وهذا عام لكبيرهم ومَن دونه ولمسلمهم وكافرهم.