سورة الإسراء
  
  وقوله تعالى: {مَحْسُورًا} في (تفسير الإمام زيد بن علي @): {فَتَقْعُدَ مَلُومًا} عند الناس {مَحْسُورًا} من المال: أي خالياً منه» وفي (مفردات الراغب): «والحاسر: الْمُعيَى، ويقال للمُعيَى: حاسر، ومحسور» انتهى.
  فعلى هذا: جعل فاقد المال كفاقد القوة الذي أتعبه المشي، وهذا يناسب تفسير {فَتَقْعُدَ} بأنه مجاز عن ضعف حاله وانقطاع أسبابه الباعثة على القيام والتحرك للعمل والذهاب للحاجات.
  (٣٠) {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} هذه الآية تعليل للنهي في قوله تعالى: {وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} كأنه قيل لا تبخل ولا تنفق ما تحتاجه أنت أو عائلتك لأن رزقك ورزق غيرك محدود حده ربك بحكمته، فما كل ما أنفقته يأتيك خلفه فوراً حتى لا يكون رزقك محدوداً مثلاً رزق اليوم المحدود لليوم كله أو الأسبوع أو الشهر إذا أنفقه بقي معدماً في بقية يومه أو أسبوعه أو شهره، فأما الإيثار للمضطر مع تحمله وتحمل عائلته أي أنهم غير مضطرين فليس من هذا إذا كان لا يظن اضطرارهم في المستقبل بالنظر إلى العادة.
  وقوله: {يَبْسُطُ الرِّزْقَ} أي يكثره {لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} أي يقلل قال تعالى: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ}[الطلاق: ٧] وقوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} تعليل للبسط والتقدير، فالمؤمن قد تكون مصلحته في البسط؛ لأنه يشكر النعمة ويفعل الخير ويقوم بواجب المال، وقد تكون مصلحته في التقدير لرزقه لينال ثواب الصبر على الإقلال ويفرغ لعبادة ربه وذكره؛ ولذلك أكرم الله نبيئه ÷ بالإقلال.