التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الإسراء

صفحة 294 - الجزء 4

  تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ٢٩ إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا ٣٠ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ


  وفي (مصابيح الشرفي): «عن الإمام محمد بن القاسم بن إبراهيم $: والميسور هاهنا: اليسر من القول، وهو القول الحسن اللطيف المقبول» انتهى.

  وفي (المصابيح) أيضاً: «قال في (البرهان): إن الله أكد على نبيه في هذه الوصاية بذوي قرباه فقال: إن أعرضت عنهم ابتغاء رزق ونعمة ترجوها من عند الله، فعدهم خيراً ورد عليهم جميلاً» انتهى.

  وهذا التفسير قد بين وجهه في (الكشاف) بما يفيد: أنه خلاف الظاهر، وعلى هذا: فلا يصار إليه إلا لقرينة صارفة، وقد فسر في (البرهان) الميسورَ بما ترى، وجعله صفة للقول صحيحٌ، سواء كان مصدراً أم صفة كما تقدم في جعله صفة؛ لأنه إذا كان مصدراً كان معناه قولاً تيسيراً وقولاً يسراً، والمعنى واحد فيهما لأن المراد يسر للمخاطب أو تيسير له.

  (٢٩) {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ} أي لا تبخل تشبيه للبخيل بمن يده مغلولة فهو لا يستطيع أن يمدها بعطاء: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ}⁣[المائدة: ٦٤] وكأن ذلك مجاز عن البخل وزيادة {إِلَى عُنُقِكَ} تأكيدٌ وترشيح إن كان الغل اسماً للقيد مطلقاً، فإن كان خاصاً بالقيد إلى العنق فهو ترشيح فقط، وهو الراجح.

  وقوله تعالى: {وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} لا تعطِ مالك كله، بل ابقِ لنفسك وعيالك ما تحتاجونه، وقوله تعالى: {فَتَقْعُدَ مَلُومًا} يلومك الناس على إنفاق مالك كله لما يتبع ذلك من الحاجة والإعسار الذي يسبب اللوم، واللوم: ضد الحمد، إلا أنه خاص بخطاب الملوم باللوم، قال في (الصحاح): «اللوم: العذل» انتهى.