التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الإسراء

صفحة 347 - الجزء 4

  ٨٩ وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا ٩٠ أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا ٩١ أَوْ


  (٨٩) {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا} {صَرَّفْنَا} مثل تصريف الرياح فهو جعل ما في آيات القرآن من الحكمة أنواعاً وأصنافاً يتنقل الفكر فيها من نوع إلى نوع مثل من وعد إلى وعيد إلى عبر الأولين إلى برهان إلى تعليمٍ لطرق النجاة وهدايةٍ لأسبابها إلى تعليمٍ لبعض التكاليف الشرعية، من النظر، والتفكر، والإسلام، والإيمان، وإقامة الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، وأحكام في النكاح في الطلاق، وحلال وحرام في المعاملات، وغيرها أصنافاً بديعة فائقة في أحكامها وتفصيلها، فكانت جارية مجرى الأمثال، وسميت أمثالاً فما كان ينبغي لعاقل أن يتردد في الإيمان به واتباعه؛ لأنه هدى ونور وحكمة {فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا} امتنعوا أشد الإمتناع من أن يؤمنوا به، ولم يرضوا إلا بأن يكفروا به.

  (٩٠) {وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا} {وَقَالُوا} أي الذين أبوا إلا كفوراً، ولعل القائل بعضهم ورضي الآخرون، والله أعلم. {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ} لن نصدقك ونقبل منك دعواك أنك رسول من الله بهذا القرآن {حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا} تخرج لنا {مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا} ماءً نابعاً من العيون أو من عين واحدة، ولعل هذا قول كفار مكة ومن حولها.

  (٩١) {أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا} {أَوْ تَكُونَ} عطف على قولهم: {حَتَّى تفجِّر} ومعنى {خِلَالَهَا} بَيْنَها متخلِّلاتٍ لها، وهذا من تعنتهم وتعظيمهم لمطالب النفس الدنيوية، وقوله: {تَفْجِيرًا} تحقيق للشرط الذي تعنتوا به.