سورة الإسراء
  السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَافِرْعَوْنُ مَثْبُورًا ١٠٢ فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا ١٠٣ وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي
  وعلى هذا: فلا موجب لجعل فرق البحر آية من التسع، فقد كان فرقه عند هلاك فرعون وقومه، ولوكان من التسع لأمهلوا بعده كما هي العادة أن لاتقترن آية الرسول وهلاك قومه، وكذلك نتق الجبل فهو كان بعد هلاك فرعون وقومه وكان هو وفلق البحر آيتين لبني إسرائيل.
  وقوله تعالى: {فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ} معناه أن هذا معلوم عند بني إسرائيل، وقوله تعالى: {إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ} أي اذكر إذ جاء بني إسرائيل وهم تحت سطوة فرعون فقال لَه فرعون عناداً وكفراً بالآيات البينات {إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا} وقد ناقض الكافرُ حيث قال مرة مسحوراً ومرة: {إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ}[طه: ٧١].
  (١٠٢) {قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا} {مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ} الآيات {إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الذي خلقهن القادر على ما يعجز عنه العباد المالك للسموات والأرض ما أنزل هذه الآيات إلا هو {بَصَائِرَ} أي آيات بينات يبصر بها أهل العقول الحقَّ ويعلموا أني صادق فكأنه قال ما أنزلها إلا الله بصائر، فقوله: {بَصَائِرَ} من جملة المستثنى بإلا ما أنزلها لعباً كما يكون من السحرة من السحر لعباً وباطلاً.
  وقوله: {وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا} مُهلَكاً لأنك تمردت على الله وكذبت بآياته وجادلت فيها بالباطل، فلذلك أنت مظنة أن تصير في عذاب جهنم في الويل والثبور؛ لأنه مصير المخذول الذي لا يتوب قبل نزول العذاب.