التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الإسراء

صفحة 357 - الجزء 4

  فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا ١٠٦ قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا ١٠٧ وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا ١٠٨


  (١٠٦) {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً} {فَرَقْنَاهُ} بيّناه بتفصيل معانيه {لِتَقْرَأَهُ} يا محمد {عَلَى النَّاسِ} من حضر لديك من أي أمة كانوا {عَلَى مُكْثٍ} على تأنٍّ في التلاوة وترتيل وتفصيل، لتبينه للسامعين {وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً} مفرَّقاً في أوقات متفرقة {تَنْزِيلاً} من الله إليك.

  (١٠٧) {قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا} {قُلْ} يا رسول الله لقومك الذين تعنتوا في شروطهم ليؤمنوا {آمِنُوا} بهذا القرآن {أَوْ لَا تُؤْمِنُوا} فإنه الحق الواضح الذي آمن به أهل العلم فلا تضرون بترك الإيمان إلا أنفسكم، وهذا تحقير للكفار من قريش ومن حولهم، ودلالة على أنه لايعتد بإيمانهم أو كفرهم؛ لأنهم إنما هم جهال معاندون فسواءٌ آمنوا أم لم يؤمنوا لا يضرون الله ولا يبطلون كتابه بكفرهم.

  وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} أي آتاهم الله العلم في قلوبهم {مِنْ قَبْلِهِ} من قبل إنزال هذا القرآن، وعرفوا أن محمداً هو الرسول المبشر به من قبل، وأن هذا القرآن هو من الله أنزله على محمد ÷ فـ {إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ} القرآن {يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا} لله لظهور هذه الآية العظيمة وتبين صدق وعد الله به.

  وقوله تعالى: {يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا} أي يتساقطون على أذقانهم، والذقن مجمع اللحيين أسفل الوجه.