التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الإسراء

صفحة 358 - الجزء 4

  وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ١٠٩ قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا


  وقوله تعالى: {سُجَّدًا} لعله بمعنى: خاشعين لله متذللين، كقوله تعالى: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا}⁣[البقرة: ٥٨] وقوله: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ}⁣[النحل: ٤٩] إلا أن سجود هؤلاء العلماء سجود إيمان وتذلل اختياري، وعلى هذا فلا إشكال في ذكر السجود على الذقن، فلو كان من دينهم السجود على الذقن صح حملة على السجود المعهود ولكن لم أجد ذلك فيما عندي من التفسير.

  (١٠٨) {وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً} أي الذين أوتوا العلم يسبحون الله وينزهونه عن أن يخلف وعده حينما شاهدوا الرسول الموعود به وسمعوا القرآن الدال عليه.

  (١٠٩) {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} {يَبْكُونَ} جملة حالية، يخرون للأذقان في حال بكائهم {وَيَزِيدُهُمْ} القرآن {خُشُوعًا} ذلة، وهذا من خشية الله والتأثر بآيات القرآن، ويعجبني هنا تعبير سيد قطب حيث قال: «وهو مشهد مُوْحٍ يلمس الوجدان مشهد الذين أوتوا العلم من قبله وهم يسمعون القرآن فيخشعون، ويخرون للأذقان سجداً ... إنهم لا يتمالكون أنفسهم فهم لايسجدون ولكن يخرون للأذقان سجداً ثم تنطق ألسنتهم بما خالج مشاعرهم من إحساس بعظمة الله وصدق وعده سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا، ويغلبهم التأثر فلا تكفي الألفاظ في تصوير ما يجيش في صدورهم، فإذا الدموع تنطلق معبرة عن ذلك التأثر ..