التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الكهف

صفحة 381 - الجزء 4

  


  وقوله تعالى: {لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} وهو وعده بالحياة الآخرة بعد الموت؛ لأنهم عرفوا ذلك إما من دين عيسى الذي بعثوا بعده وفي ظهور دينه في بلدهم وكان بعثهم بعد نومهم المدة الطويلة آية لهم ليعلموا إمكان بعثهم بعد الموت ويعلموا صدق الخبر بالساعة من رسول الله عيسى # ويعلموا أن الساعة التي عندها البعث والحساب والجزاء لكل نفس بما تسعى آتية لا ريب فيها، فيكمل لهم الإيمان بالله ورسله واليوم الآخر ببعثهم من نومهم وبلوغهم رسالة عيسى #، وما جاء به في الجملة من أسباب الإيمان بالرسل واليوم الآخر والجنة والنار لطف لهم ورحمة من الله، وبعد ذلك توفاهم الله تعالى مؤمنين مسلمين.

  واختصر القرآن قصتهم لكفاية ذكر موضع العبرة من قصتهم، والدلالة على لطف الله بالمؤمن وحسن رعايته له، والدلالة على إمكان الحياة بعد الموت، وأنه مثل بعثهم بعد نومهم، وانتقل القصص إلى من بعدهم، فقال تعالى: {إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ} أي يتنازع من بعد أصحاب الكهف أمرهم أي أمر أصحاب الكهف {فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا} لحفظهم وليكون البنيان علامة لمحلهم لأجل قصتهم العجيبة ورغبة الناس في الإطلاع عليهم {رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ} فالبنيان هذا يكفي لأنا لا نعلم هل كانوا مشركين على دين قومهم أو كانوا مسلمين على دين عصر بعثهم من نومهم {قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ}: بل كانوا مسلمين فضلاء فـ {لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا} إكراماً لهم وحفظاً وعلماً لمحلهم وتبركاً بهم، وقوله: {عَلَيْهِمْ} يحتمل: فوق كهفهم، ويحتمل على باب الكهف، وهو الذي رواه الشرفي في (المصابيح) عن الحسين بن القاسم @.