التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الكهف

صفحة 383 - الجزء 4

  


  فأما القليل الذي ذكر الله أنهم يعلمونهم فإنما هم قليل ممن عرف مخرجهم وعددهم وقت ما خرجوا من القرية هاربين وأووا في ذلك اليوم إلى الكهف منحازين وليس القليل العالم بعد استيقاظهم من رقدتهم وإنما القليل الذي علموهم قبل رقدتهم وعند خروجهم من قريتهم وقد نهى الله سبحانه نبيه عن المماراة في عدتهم والقول بما لم يطلعه الله عليه، وما نُهِي عنه ÷ فنحن [عنه] منهيُّون وما أمرَ بتركه فيهم فالخلق بذلك مأمورون ..» إلخ.

  قلت: وما روي عن ابن عباس ¥ أنه قال: أنا من ذلك القليل هم سبعة وثامنهم كلبهم، رواية لا تفيد العلم والإستناد إلى أن زيادة (الواو) في هذا القول دون القولين الأولين وإلى أنه لم يقل فيه رجماً بالغيب ليس اعتماداً على دليل، ودعوى أن ذلك قرينة دعوى بلا دليل، أما أنه لم يقل فيه رجماً بالغيب فلعل سببه أنه ليس رجماً بالغيب، بل استناداً إلى رواية وليس خروجه عن كونه رجماً بالغيب يستلزم أنه صحيح؛ لأن من الممكن أنه ليس رجماً بالغيب وليس صحيحاً؛ لأنه مستند إلى رواية يظنها صحيحة وهي غير صحيحة في الواقع، وأما الواو فلا تدل على صحة ذلك القول؛ لأن الواو لا تعبر عن صحته، وقد تكون لملاحظة أهل القول بأنهم سبعة كونَ الكلب مغايراً لأهل الكهف كما زيدت الواو في الشهادة الخامسة في اللعان لمغايرتها للأربع في المعنى.

  وقوله تعالى: {فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا} أي لا تجادل من تحادثه في الكهف إلا جدالاً ظاهراً بالحجة غالباً للخصم المنصف، وقوله تعالى: {وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ} أي في أهل الكهف {مِنْهُمْ} من أهل الكتاب {أَحَدًا} لأن الحقيقة عندك لا عندهم.