سورة الكهف
  تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا ٢٣ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا ٢٤ وَلَبِثُوا فِي
  (٢٣ - ٢٤) {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا} {وَلَا تَقُولَنَّ} عطف على قوله تعالى: {فَلاَ تُمَارِ ..} إلى آخر الآية، وقوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ} أي: لا تقولن في شيء، مثل قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ}[الأحقاف: ١١] وقوله تعالى: {إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا} هو القول المنهي عنه، وقوله تعالى: {فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا} كناية عن الفعل الذي يَعِد به مثل أن يقول: إني مسافر غداً فليس خاصاً بلفظ فاعل.
  وقوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} إن كان الإستثناء من النهي فالمعنى إلا أن يشاء الله أن تقول بأن يوحي إليك أن تفعله وتَعِدَ بفعله، وعلى هذا لا يكون معناه الأمر بالشرط بأن يقول إن شاء الله، ولا يجب جعل الآية بمعنى الشرط، وفائدة ذلك: أن لا يعد الرسول بأمر وهو لا يعلم لعل الله يدلّه على ما هو أولى وهو في الرسالة مشغول بتكاليفها، وتكاليف الجهاد، وتكاليف إصلاح أمر المسلمين والحكم بين الناس، فلا يدري إذا وَعَدَ لعلها تعرض حالة ضيقة تمنعه مما وعد به، وهو لا يليق به خلف الوعد ولو لعذر حيث يكون فيه تشويه أو مطعن للكافرين.
  فكان النهي عن الوعد الجازم المؤكد بـ (إن) والجملة الإسمية أو بأي تأكيد مثله هو الأولى في حقه ÷ وهذا الوجه هو المتعين؛ لأن جعل الإستثناء من المنهي يستلزم النهي عن الإستثناء، وهو معنى غير صحيح.