التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

تقديم

صفحة 24 - الجزء 1

  كما تزخر آياته بالحديث عن الأمم السابقة ومواقفها ومصير تلك الأمم كدروس وعبر لمن تدبر وتبصر، إضافة إلى الحديث المستفيض عن المستقبل عن اليوم الآخر ونقل صورة واضحة عن أحداثه وأهواله وما تؤول إليه أحوال العالمين، وأين يكون مصير الجميع من المؤمنين والكفرة المجرمين، مبينا الأسباب التي أدت إلى كلا المصيرين وسبل الاستقامة على الخط المستقيم، مما يعكس مدى رحمة الله ورأفته بالإنسان ليفوز بالجنة وينجوَ من النار.

  وفي رحابه الكريم يتجول الإنسان مع الأنبياء والمرسلين ويعتبر ويتدبر في أحوالهم وأعمالهم ومجاهدتهم في اتجاه تعبيد الناس لله سبحانه، وصراعهم مع المشركين والمعاندين عبر العصور، وكيف مضوا في الدعوة إلى الله صابرين محتسبين، وما هي توجيهات الله لهم إزاء عناد المعاندين وإصرار المكذبين وخداع المنافقين، ليجد منهجاً متكاملاً يزخر بالحركة والجهاد والعمل، فيشكل كل ذلك زاداً للدعاة المخلصين، وسلاحاً بأيدي المؤمنين المجاهدين، يستلهمون منه ما يقوي العزائم ويشحذ الهمم للاستعلاء على مخططات الجاهلية الحديثة بصورها ورموزها في هذه المرحلة الحاسمة التي أطبق فيها الكفر والضلال ضد أولياء الله وأنصار دين الله في كل بقاع الدنيا.

  إنه كتاب الحياة يحي القلوب الموات، ويحررها من أسر الضلال والجهالات، وينير لها الدروب في الظلمات، لتسلك السبيل إلى الله وإلى رضوانه وجناته.

  وفي الحقيقة مهما قلنا ووصفنا فلن نصل ولو إلى جزء يسير مما يمكن أن يقال عن القرآن، مهما كانت قدرة الإنسان على الوصف والبيان، إلا أننا نتبرك بقبسات مما قاله الإمام الأواه الحليم، القاسم بن ابراهيم الرسي عليه صلوات رب العالمين، في (مديح القرآن الكريم) وهو كلام عظيم جدير بالتأمل والتدبر.