التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

تقديم

صفحة 25 - الجزء 1

  قال # في وصف القرآن الكريم: «نور أعين القلوب المبصرة، وحياة ألباب النفوس المطهرة، إلف فكر كل حكيم، وسكن نفس كل كريم، وقصص الأنباء الصادقة، ونبأ الأمثال المتحققة، ويقين شكوك حيرة أولي الألباب، وخير ما صُحب من الأصحاب، سر أسرار الحكمة، ومفتاح كل نجاةٍ ورحمة، قول أرحم الراحمين، وتنزيل رب العالمين، نزل به الروح الأمين، فأي مُنزِّل سبحانه ونازل وتنزيل.

  لقد جل سبحانه وتنزيله عن كل تمثيل، وطهر وتقدس - إذ وَلِيَه بنفسه، ونزل به روح قدسه - عن قذف الشياطين وأكاذيبها، وافتراء مردة الآدميين وألاعيبها، فأُحكم عن خطل الوهن والتداحض، وأُكِرم عن زلل الاختلاف والتناقض، فجُعل بآياته مترافداً، وبضياء بيناته متشاهداً، غير متكاذب الأخبار، ولا متضايق الأنوار.

  بل ضحيان النور، فيحان الأمور، سيحان الأنهار بالحياة المنجية، واسع الأعطان والأفنية، ساطع النور والبرهان، جامع الفصل والبيان، فأنواره بضيائه زاهرة، وأسراره لأوليائه ظاهرة، فما إن يوارى عن أهله الذين أُسْتُودِعُوا علمه من سرائر سريرة، ولا يدع ما وضح من نوره في قلوبهم من مشكله حيرة، بعزائم حكماته المنزلة، ودلائل آياته المفصّلة»⁣(⁣١).

  ويضيف #: «سماويٌّ أحله الله برحمته أرضه، وأحكم به في العباد فرضه، فلا يُوصَلُ إلى الخيرات أبدا إلا به، ولا تُكشف الظلمات إلا بثواقب شهبه، مَن صحبه صحب سماوياً لا يجهل، وهادياً إلى كل خير لا يضل،


(١) مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم الرسي: ١/ ١٣٣.