التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة طه

صفحة 536 - الجزء 4

  الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا ١٠٨ يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا ١٠٩ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ


  وقال في (الصحاح): «والقاع: المستوي من الأرض» انتهى، وفي (أساس البلاغة): «وقاع صفصف: أملس» انتهى، أي أنه بليغ الاستواء لا ينبو منه شيء، وقد فسر بعضهم الصفصف: بالقاع المستوية، وعلى قولهم: فصفصفاً تأكيد ليفيد استواءها البليغ.

  {لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا} هذا توضيح لاستواء الأرض، قال الشرفي في (المصابيح): «قال محمد بن القاسم #: العوج في الأرض الإلتواء والإرتفاع والإنخفاض الفاحش، والأمْت القليل ..» الخ، يعني القليل من الإختلاف بالإرتفاع والإنخفاض، فقد نفى تعالى القليل من الإختلاف مع نفي الكثير، وأفاد أنها تصير يومئذ مستوية استواء كاملاً.

  (١٠٨) {يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا} {يَوْمَئِذٍ} أي ننسف الجبال يتبعون إما الناس جملة، وإما السائلون عن الجبال كفراً بالبعث، أي هم وغيرهم مثلهم يتبعون {الدَّاعِيَ} الذي يدعوهم إلى موقف الحساب، أو يدعوهم من قبورهم إلى المحشر {لَا عِوَجَ لَهُ} كما هم في الدنيا متمردون فهم في الآخرة منقادون، قد ذهب العوج لهيبة الموقف {وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ} ذلت وضعفت {فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا}.

  قال الراغب: «الهمس: الصوت الخفي، وهمس الأقدام: أخفى ما يكون من صوتها، قال تعالى: {فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا}» انتهى، ومثله في (أساس البلاغة) إلا أنه قال: همس الكلام - ثم قال -: «وسمعت همس الأقدام» انتهى، وقد فسروه بهمس الأقدام، والراجح: أنه الكلام الخفي، وصوت الأقدام لقوله تعالى: {يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ}.