التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الأنبياء

صفحة 599 - الجزء 4

  كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ ٧٤ وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ٧٥ وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ


  (٧٤) {وَلُوطًا آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ} {وَلُوطًا} يحتمل أنه معطوف على إبراهيم، وهكذا من يأتي ذكره آتاهم رشدهم، وفسر رشد لوط بقوله: {آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا} فالحكم أن يحكم بين الناس بالحق، كما قال تعالى في داود وسليمان بعد ذكر حكمهما في الحرث: {وَكُلاَّ آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} والعلم معرفة الله ومعرفة ما يجب العلم به ومعرفة الدين والشريعة التي أوحيت إليه.

  وقوله تعالى: {وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ} الراجح أن فائدة الإسناد إلى القرية أن يعم نجاته من بطشهم ونجاته من أذاهم ونجاته من جوارهم ونجاته من عذابهم الذي عذبوا به بسبب عملهم للخبائث حين أمره الله أن يسري بأهله، فالحاصل نجاه الله من شرهم ومن الشر الذي نزل بهم.

  وقوله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ} تعليل لما يفهم من إنجائه من تعذيبهم أو تعليل لإنجائه من قريتهم بأنهم كانوا قوم سوء فاسقين لو لم ننجه لهلك معهم، فقام قوله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ} مقام أنهم عذبوا، والخبائث التي كانوا يعملونها ذكر بعضها في القرآن وجاء في الحديث الشريف ذكر عشر من عمل قوم لوط رواه في (مجموع الإمام زيد بن علي @).

  وقوله تعالى: {قَوْمَ سَوْءٍ} قوم قبيح والإضافة تشعر بأصالتهم في القبيح كأنه صفة لازمة، كما قال حاكياً: {مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ}⁣[مريم: ٢٨].