سورة الأنبياء
  وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ ٧٨ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا
  (٧٨) {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ} {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ} عطف على {إِبْرَاهِيمَ} فالمعنى آتيناهما رشدهما {إِذْ يَحْكُمَانِ} اذكر قصتهما إذ يحكمان {فِي الْحَرْثِ} ظاهره أن الحكم في الحرث نفسه وهو الأرض المحروثة، والمفسرون يذكرون: أن الحكم كان في ثمر وزرع ونحو ذلك وقرينة ذلك. قوله تعالى: {إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ} لأن الغنم لا تطمع في الحرث الخالي من النبات.
  وفي (تفسير الإمام زيد بن علي @): «فالنفش: أن تدخل في الزرع ليلاً فتأكله، ولا يكون إلا بالليل» انتهى، ومثله حكى الشرفي عن الحسين بن القاسم @، وقال الشرفي - أيضاً -: «فالنفش: انتشار الغنم بالليل ترع [ا] بلا راع، قاله ابن السكيت وابن قتيبة» انتهى.
  فأما الزمخشري في (أساس البلاغة) فقال: نفشت الغنم بالليل: انتشرت ولم يذكر الرعي، ولكنه ذكر الرجز:
  اجرس لها يا ابن أبي كباش ... فما لها الليلة من إنفاش
  غير السرى وسائق نجّاش
  ولعل سبب التعبير بالحرث؛ لأن دعوى صاحبه أن أهل الغنم أهملوها فدخلت الحرث وفيه الزرع فأكلته - والله أعلم.
  وقوله تعالى: {وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ} أي حاضرين لم نغب عنه، قال الشرفي في (المصابيح): «أي عالمين لم يغب عن علمنا» اهـ.
  وهو تأويل لأن الله تعالى لا تحويه الأمكنة، وجمع الضمير في {لِحُكْمِهِمْ} لأنه متناول للخصمين مع داود وسليمان، وقوله تعالى: