سورة الفرقان
  مَهْجُورًا ٣٠ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا ٣١ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا ٣٢ وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا
  ومن يتلوه من بعده {وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} فقد خذله شيطانه الذي اتخذه في الدنيا خليلاً؛ لأنه في الآخرة انقلب عدواً له وهي عادة كل شيطان من شياطين الإنس والجن أن يخذلوا من أضلوه حين يحيط به سوء عمله.
  (٣٠) {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا} أي يوم القيامة يشهد عليهم الرسول ÷ فيقول: {إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا} أي جعلوه أمراً يجب هجرانه والابتعاد عنه كما فعل الملحدون الذين قالوا: إن القرآن حجر عثرة في طريق التقدم، فقد سبقهم المشركون، فاتخاذهم له {مَهْجُورًا} ليس مجرد أنهم هجروه، بل هو أنهم اجتنبوه وحذّروا منه واستمروا على ذلك، وهنالك يحكم الله عليهم ويجزيهم بما قدموه.
  (٣١) {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا} {وَكَذَلِكَ} كما أن هؤلاء الكفار الذين قالوا: {لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلاَئِكَةُ} أعداءٌ لرسول الله ÷ خلاهم الله ومكنهم وأرسل عليهم الشياطين فأضلتهم وحرضتهم على معاداة الرسول ÷ كذلك كل نبي من أنبياء الله جعل له عدواً من المجرمين بالتمكين والتخلية والترف وسعة الحال حتى عادوا نبيهم {وَكَفَى بِرَبِّكَ} يا رسول الله {هَادِيًا} فلا يضلك الأعداء {وَنَصِيرًا} فلا يقهرك الأعداء فلا تُبالِ بعداوتهم.